كانَ لِرَجُلٍ يُدْعَى يَسّى وَيَسْكُنُ مَدينَةَ بيتَ لحم، ثَمانِيَة بَنين. ثَلاثَةُ من بَنيهِ الكِبار تَبِعُوا المَلِكَ شَاوُل إلى الحَرْب. أمّا داود إبْنهُ الأصْغَر، فَبَقِيَ ليَرْعَى غََنَمَ أبيه.

في أَحَدِ الأيّام نَادَى يَسّى دَاود وقَالَ لَهُ: «خُذْ لإخْوَتِكَ هَذَا الطَّعام وافْتَقِدْهُم هَلْ هُم بِخَير؟» فَوَكّلَ دَاود الغَنَمَ إلى مَنْ يَسْهَرُ عَلَيهِ ومَضَى إلى إخْوَتِه.

وَصَلَ داود إلى المُعَسْكرِ وكَانَ الجَيْشُ يَخْرُجُ للإصْطِفَافِ وَيَهتفُ إلى الحرب.  التقى داود بإخوتهِ. وبَيْنَما هُوَ يُكلُّمُهم إذا الرَّجُلُ العِمْلاقُ المُسمّى جُوليات الفِلَسْطينيّ، يَصْعَدُ من وَسْطِ جيشهِ ويَتَكَلَّمُ بِكلامٍ رَهِيْب ومُخيْفٍ ويَسخَرُ من الإسْرائليّين فَيهرُبُون.

فَسألَ داوُد عَن وَضْعِ هذا الرَّجُلِ. فأخْبَرَهُ الجُنودُ ما يَلي: «لَقَدْ قطعَ المَلِكُ شاوُل وَعْداً بأن مَن يَقتلُ هَذا العِملاقَ سيُغْنيهِ غِنىً عَظيْماً ويُزوِّجهُ ابْنَتَه». فأجابَهُم داوُد: «لقَدْ عَيَّرَ هذا الفِلَسْطينيّ صُفوفَ اللَّه الحَيّ وَيَجِبُ أن يُعاقَب».

سَمِعَ المَلِكُ شاول كلاَمَ داوُد فاسْتَحضَرَهُ. فَقالَ دَاوُد لِلْمَلك: «سَأمْضِي لأُحارِبَ هَذا الرَّجُل». فَقالَ لَهُ شاوُل: «لَنْ تَستطيعَ! أنْتَ وَلَدٌ وهُوَ رَجُلُ حَرْبٍ منذُ صِباه». فأجابهُ دَاوُد: «كُنْتُ أرْعَى غَنَمَ أبي. وقَتَلْتُ أسَداً ودُبّاً هاجَما قَطيعِي. واللَّهُ الّذي أنْقَذَني من الحَيَوانَينِ سيُنقِذُني من يَدِ هذا العِملاق».

فقالَ شَاول لِداوُد: «إمْضِ وَلْيَكُن الرّبُّ مَعَك». وألبَسَهُ ثِيابَهُ الحرْبيّة. وَلكن دَاوُد نَزعَها لأنّهُ لَمْ يَتَمَكّنْ من المشيِ بها.

ثمّ أخذَ عَصاهُ بِيَدهِ وانْتَقَى خمْسةَ حِجارَة وَوَضَعَها في جَيبِ كيس الرّاعي الّذي لَه. وَحَمَلَ مِقْلاعَهُ وَتَقَدَّمَ نَحو الفِلَسْطينيّ.

جاءَ العِمْلاقُ يتَقدَّمُهُ الرّجُلُ الحامِل تِرسهُ واقْتَرَبَ من داود. ولمّا رآهُ إحْتَقرَهُ لأنَّهُ وَلَدٌ وقالَ لهُ: «أكَلْبٌ أنا حَتّى تأتينِي بالعِصيّ؟» وَلعَنَ العِملاقُ داودَ وآلهتَهُ.

عِندَها قَالَ لهُ داود: «أنْتَ تَأتِيْني بالسيّفِ وأنا آتِيْكَ باسْمِ رَبّ القُوّات وَهُوَ اليَومَ سيُنْصِرُني عَلَيْك».

وَرَكضَ دَاوُد وأخَذَ حَجَراً من جَيْبهِ وَقَذَفَ بالمِقْلاعِ فَضَرَبَ العِمْلاقَ في جَبِيْنهِ.

سَقَطَ العِمْلاقُ على وجْههِ على الأرْضِ ومات. وانْتَصرَ دَاوُد بالمقْلاعِ والحَجَر.

لمّا رأى الفِلَسْطينيُّونَ أنَّ بَطلَهُم قَدْ قُتِلَ هَرَبُوا. فَطارَدَهم الإسْرائيلِيّونَ وطرَدُوهُم من بلادِهم. وهَكذا سَاعدَ اللَّهُ شَعْبَهُ على التّغلُّبِ على أعْدَائِه.