رَأى رَجُلان وهُمَا يَصْطَادَانِ هالَةً سَوداءَ تتَحَرَّكُ في الجِهَةِ الأُخرَى للنَّهر. فاخْتَلَفا في طَبيعَتِها...
قَاَل الأوَّل «إنَّها طَير»،  وأردَفَ الثّاني «إنّها عَنْزة».
فَحاوَلَ الأوّلُ أن يُقنِعَ صديقَهُ قائِلاً: «أُنظُرْ يا صَاح، ألا تَرَى أنَّ لها جَناحَين؟»
فأصَرَّ الثّاني: إنّها عَنزَة بالتَّاكيد... وظَلَّ الأوّلُ يُحاوِلُ إثباتَ وجهَةِ نَظرَهِ مُبيّنًا الفارِقَ في الحَجم، والثّاني لا يَحيدُ قَيدَ أُنمُلَةٍ عن رَأيَه.
وأخيرًا طارَت «الهالَةُ»... فَنظرَ الأوّلُ إلى الثَّاني قَائِلاً: أرأيْتَ؟ ألَم أقُلْ لكَ أنَّها طَير؟
فما كانَ مِنَ الثّاني إلاَّ أنْ أجَابَ: «لَم أرَ شَيئًا، هيِّي عَنزِة ولَوْ طارِت»!

إنّها قِصّةُ مَثلٍ شَعبيّ تُذهِلُ للوَهلَةِ الأولى وتَجعَلُنا نَقول «مش مَعقول! ما في حَدا مِتْصلّب هَيك مِتل الرِّجال التِّاني».... ولَكِن بعدَ توقُّفٍ وتَفكيرٍ نَنتَبِهُ إلى أنّنا نَعرِفُ الكَثيرينَ مِثلَهُ أو نَقترِبُ نَحنُ، في أحَدِ مَواقِفِنا وتصرّفاتِنا، مِن تَصرُّفه، أي مِن التَّصلُّب!
فما هُوَ التَّصلُّبُ؟ علامَ يدلُّ؟ في مُقابِلِه، ما هُوَ الموقِفُ المُستَحبّ؟ أليسَ الطَّواعيّة؟ مَن الأَقوى؟ وأيُّ طواعيّةٍ نُريد؟

 

Attachment