يُرْوَى أنّه بَيْنَما كانَ يُوسُف ومَريمَ في طَريقِهما مِنَ النّاصِرَة إلى بَيت لحم، جَمَعَ الملاكُ جِبْرائيل في السّمَاءِ الحيوانَات لِيرَى مَنْ مِنْهُم يَستَطيعُ أنْ يُقَدِّمَ خَدَماتِهِ للطّفْلِ يَسوع الّذي يُوشَُك أن يُولَدَ في مَغارَة.
كانَ أوّلَ من تقدّم الأسَدُ، مَلِكُ الغابَة. فقالَ لِلملاكِ وهُوَ يَنْفُخُ عَضلاتِه: «وَهل يُوجَدُ غيري؟ فأنَا مَلِكُ الحيوانات، وسَأقِفُ على بَابِ المَغارَة وافْترِسُ كُلَّ من تُسوِّلُ لَهُ نَفسُهُ أن يُلحِقَ الأذَى بالطِّفل يَسوع».
فأجابَ المَلاكُ : «شُكْراً. لَكِنّكَ لا تَصْلُحُ لانّكَ مُتبَاهٍ بِقُوَّتِكَ وعَنيف... وَالطّفْلُ المَولُود هُوَ رَمْزُ التّواضُعِ ومَلِكُ السّلام».
ثمَّ تَقدّمَ الذِّئْبُ وقال بِنَبْرَتِه المُحْتَالَة : «أنا مُستَعِدٌّ. فَلَسْت ُ مثلَ هَذا الأسَد المُتَباهي. وسَأُحْضِرُ يَوميًّا أطْيَبَ اللّحومِ من صَيْدي الخاصّ .فأنا «الذّئب»...
أجابَ المَلاكُ: « شُكْراً لِخدماتِكَ. لَكنِّكَ في العادَةِ كاذِبٌ وَتَنْتَزِعُ الحياةَ من أصْحابِها دُونَ أن يَرِفَّ لكَ جَفْنٌ... وَالطّفلُ المَولودُ هُوَ الحَقُّ والحَيَاة».
ثمَّ تَقَدّمَ الطّاووسُ وقَالَ لِلْمَلاكِ: « أرْسِلْني أنا. فَسأفرُشُ رِيْشي في المَغارَة وأجْعَلُها قَصْراً يَليقُ بملِكِ المُلوكِ وَرَبِّ الأرْباب».
أجابَهُ الملاكُ: «شُكْراً. لَكِنَّكَ مُتَكَّبِرٌ وشَكْلُكَ يوحي بالتّرَفِ والغِنَى، وتَعتَمِدُ على مَظْهرِكَ وهذا عَكْسُ رِسالَةِ الميلاد».
وَهَكذا مَرّت الحيوانات تَعرضُ خَدمَاتِها، لَكِنّ المَلاك لَمْ يُوافِقْ على أَيٍّ منها. ولاحَظَ جبرائيلُ أنَّ الحِمارَ والثّورَ لَمْ يُقَدِّما خَدمَاتِهما، بَلْ تابعَا عَمَلَهُما في الحِراثَةِ بِصَمْتٍ. فَسألَهُما: «وأنْتُما ماذا تَستَطيعان أن تُقَدِّما للطّفل الّذي سَيُولَدُ؟». أجابَ الحِمارُ :
«نَحْنُ؟ لا شَيء. فَلَسْنا مُلوكاً وَلا جَميلِي المَظْهَر ولا نَعْرِفُ التَّزَلُّفَ وجِسْمُنا مُصابٌ بالجُروحِ والقُروح... ولَمْ نَتعلَّمْ سِوى العَمَل الصّامِت والمُتواضِع وتَحَمُّل المشقَّات. و أضافَ الثّورُ : وَلَكِنْ إنْ أرَدْتَ، نَستطيعُ أنْ نُبْعَدَ بِذَنَبِنا الذُّبابَ عن الطّفل يَسوع وَنَنْفُخَ في وَجْهِهِ لنُدَّفِّئَه».
إبْتَسمَ الملاكُ وقالَ : « فَلْيَكُنْ... فَمِن أجْلِ كُلِّ المُتواضِعينَ والعَامِلينَ بِصَمْتٍ وأصحابِ النَّوايا الطيِّبَة سَيُولَدُ الطّفلُ المخلّص...»
- 1558 views