البابا فرنسيس، عَلاقاتٌٌ لا كالعلاقات!

رُبَّما ظَنَّ أنَّها مَزْحَة! بالتّأكيد لمْ يُصَدِّق ولمْ يُدْرِكَ واقِعَ ما يَجْرِي مَعَه. بَعْدَ كُلِّ شَيء، مَاذا قَدْ تَكونُ رَدَّة فِعْلي أو فِعلِك، إذا رَفَعْتَ سمَّاعَةَ الهاتف (أوبالحَري ضَغطْتَ على زِرِّ الإجابة) وسَمِعْتَ من الطَّرَفِ الآخر هَذه الكَلِمات: «ألو؟ مَعك البابا فرنسيس. فلنَتَكلَّم دونَ ألقاب!».

إنّها ترجمةٌ قَريبَةٌ من العَاميَّة لتبيانِ البَساطة الَّتي من خِلالها تَواصَلَ البابا فرنسيس مع الشَّاب ستيفانو كافيتزا، وهو تِلميذٌ في كامين (بادوفا، إيطاليا)كانَ قد أرسَل رسالَةً إلى قداسة البابا.
بكلِّ تأكيد، بعد أن أدْرَكَ ما حَدثَ لهُ  تمكَّنَ الشَّاب، بعدَ مُكالَمةٍ هَاتفيَّة دامَتْ ثَماني دَقائق أن يَقولَ: «كانَ أجملَ يومٍ في حياتي». بالطّبع هو كذلك! إذ ليسَ أمرًا اعتياديًا أن يَطلُبَنا على الهاتِف خَليفَةُ بطرس، رأسُ الكنيسَة الكاثوليكيّة، لا لمُهمَّة ما، بل فَقط لأنّنا مُهمّون في نَظرِ الرّبّ، وبالتَّالي في نَظرِه.

وهي ليَسَت المرَّة الأولى الَّتي يَتكَلَّمُ فيها الأبُ الأقْدَس مع مُؤمنينَ وأشخاصٍ عاديِّين عَلى الهاتِف وبِشكْل مُباشَر، دُونَ وسَاطات وبروتوكولات مُعقَّدة. لقد اتَّصل بعدَ انتخابِه ببائِعِ الجَرائد الَّذي كانَ يحمِلُ له ُكُلَّ يَومٍ جريدَته ليَطلُب إليه: «لُطفًا، لا تأتِ بها من بَعد، فإنّي لم أعُد في الأرجنتين، نظرًا لبَعض المهامِ الَّتي تَضطرُّني للبَقاءِ في روما. أشْكُرُكَ لِكُلِّ ما فَعلتُه مَعي في هَذه السَّنوات!»
وكذلك اتَّصلَ بِكاهِن رعيَّة في رُوما ليقولَ له: «أنا البابا فرنسيس سآتي الأحَد المُقبل إلى رَعيَّتِكَ للاحْتفالِ مَعكُم بالمُناوَلة الأولَى للأطْفال».

هذا وأخْبرَ الشَّابُ تفاصيلَ المُخابَرة:« رنَّ الهاتفُ مرَّة أولى ولَكن لم يَكُن هناك من يُجيب. ثمَّ عندَ نحو الخامِسة مساءً رنَّ مرة أخرى. أجابَ ستيفانو: «من هناك؟» «أنا البابا فرنسيس، فلنَستعمِل صيغَة «الأنت».

شَعر ستيفانو بالحيرة والتّعجُّب أمامَ مُكالمَة البابا، ولكنَّهُ صدّقَ أنَّه الأب الأقدس عندما قَالَ لهُ: «هل تَعتقِدُ أنَّ الرُّسلَ كانوا يَقولونَ لِيَسوع «حضرتك» أو «صاحب السيادة»؟ كانوا أصْدِقاءَه، كما أنْتَ وأنا الآن، وأنا عِندَما أتحدَّثُ إلى أصدقائي، أُخاطِبُهم بصيغَةِ المُخاطب المُفرد!».

وبَعدَ حوارِ فَرِحٍ دامَ ثماني دَقائق، منحَ البابا فرنيسيس برَكتَهُ للشّاب.

ما حدَثَ يَجعلُنا نفَكِّرُ بأمْرٍ يدعو إلى التَّأمُّل. إذا كانَت مُكالَمةُ البابا تُولِّدُ في الأشْخاصِ عَجَبًا وفَرحًا عَظيْمًا بِهذا الشَّكل، فَكمْ بالحَري الرَّبّ، الَّذي لا ينْفَكُّ يُخاطِبُنا في صَمتِ الصَّلاة، في صَدَى الكَلِمَة وفي وَقْعِ الوقائع؟ وكَم بالحَري الرَّبّ في الإفخارِستيّا، الَّذي لا يُكلِّمُنا فَقط، بل يَأتي إلينا، يُقيمُ مَعنَا علاقَة مَحبّة وصَداقة، ولا يأتي إلينا فقَط بل يُضحِي خُبزَنا، طعامَنا، يتَّحِدُ بنا! (عن موقع زينيت)


Attachment
echos-172-p5.pdf (0 bytes)