أَرادَ شابٌ أن يُراقِبَ ناسِكًا لِكَي يَتَعَلَّمَ مِنهُ بَعضَ الأُمور... فَرَأى في حَياتِهِ رَتابَةً حَيَّرَتهُ كَثيرًا.  فَهوَ لم يَكُنْ يَتَكلَّمُ طَوالَ اليَوم وَأَوقاتُهُ كانَتْ مُكَرّسَةً لِلصَّلاةِ أو لِصِناعَةِ سِلال القَصبِ في صَمتٍ بَدا خانِقًا لِلشّاب... وَبَعدَ فَترَة، جاءَ الشّابُ إلى الرّاهِبِ واعتَرَفَ لَهُ بِحيرَتِه: «أَيُّها الأَبُ الجَليلُ، لَقَد راقَبْتُ ما تَقومُ بهِ وَإِنّي أَجِدُه – وَأَعتَذِرُ مُسبَقًا عَن الصَّراحَة – مُمِلاًّ لِلغايَة. كَيفَ يُمكِنُكَ أن تَعيشَ بِهَذا الصَّمت؟ ما الغايَةُ مِن كُلّ هَذا؟»
لم يَفتَحْ الرّاهِبُ فاه، بَل أَمسَكَ بِيَدِ الشّاب وَمَضَى بِه نَحو البِئرِ الّذي يَستَقي مِنهُ الماء... وَأَخَذَ بِضعَةَ حِجارَة وَرَماها في الماءِ فَأَحدَثَتْ ضَجيجًا... عِندَها سَأَلَ الشّاب: «ماذا تَرى؟». نَظَرَ الشّابُ في الماءِ وأَجاب: «أَرى مِياهً مُضطَّرِبَة».
بَعدَ دَقيقَة مِن الصَّمتِ والهُدوء، قالَ الرّاهِب: «أُنظُرْ الآن، ماذا تَرى؟».
أَلقَى الشّابُ نَظرَةً وَقال: «أَرَى وَجهي على صَفحَةِ المِياه».
فَقالَ الرّاهِب: «أُنظُرْ جَيّدًا. ماذا تَرَى أَيضًا؟»
حدّقَ الشّابُ جيّدًا وَقالَ بِتَأثُّرٍ لأَنّهُ فَهِمَ دَرسَ الرّاهِب: «أَرَى أَيضًا السَّماءَ فَوقي»!!!

ونَحنُ هَل فَهِمْنا دَرسَ الرّاهِب؟ أَيّ كَلامٍ عَبّرَ عَنهُ بِصَمتِه؟ ما هوَ الصَّمت؟ هَل في حَياتِنا نَحنُ صَمت؟ أَيُّ كَلامٍ نُريدُهُ أن يوصِل؟ مَتَى نَلجَأُ إِلَيه؟ أَيُّ حَواجِزَ تَقفُ في طَريقِه؟ هَل يُسَهِّلُ حَياتَنا أم يُصَعِّبُها؟ الأَجوِبَةُ في الصَّفَحاتِ التّالِيّة...تابِعونا!

 

Attachment