(1) محاضرة أُلقتها الاخت وردة مكسور في الحلقة الاستشارية 24-31 تشرين الأول 1989 في دير ايانابا -قبرس في قسم التربية لمجلس كنائس الشرق الأوسط . ونشرت في "التربية المكسونية " تقرير اجمالي 1989.
التربية المسكونيّة من خلال التربية المسيحيّة في الكنيسة وفي المجتمع
(مراجع)
1- مجلة النور عدد 7 سنة 1975صفحة 204
مجلة النور عدد 2 سنة 1982
مجلة النور عدد 2سنة 1987
مجلة النور عدد 5/6 سنة 1988
2- المجمع الفاتيكاني الثاني : - نور الأمم
- قرارمجمعي في الحركة المسكونيّة
3- المنارة عدد 28 -خاص -1987
4- المسرّة عدد 685 - 686
عدد 687 - 688
عدد 689 - 690
عدد 691 - 692
عدد 723 - 724
5- الحوار بين الكنائس " - شارل مالك - منشورات دارالكرمة .
6- 2000 ans de christianisme: œcuménie
7- مجلس كنائس الشرق الأوسط، المدارس التابعة للكنائس في الشرق الأوسط، رسالتها ومهامها. المطبعة الكاثوليكيّة - لبنان1988.
"رجاؤنا أن تثمر الوزنات التي أُعطينا إذ أكلتنا غيرة بيته ".
- نتكلّم لأنّه لا بد من الكلام هنا ولا بد أن يدوي الصوت ألى أبعد .
- نتكلّم حتى تصبح الكلمة المسكونيّة متجسدة فينا وفي الآخرين .
- نتكلّم لأن الكلام ينم عن شجاعة قد تكتمل بعمل نرجوه سريعاً .
- نتكلّم ونعمل بما أعطينا من مواهب وإمكانيات على الأرض والروح الذي يهبّ حيث يشاء هو الذي يعطي لمواهبنا إمكانيّة الحياة والمثابرة في خدمة البشارة وفي خدمة الكنيسة المعلِّمة .
والخدمة الأولى هي التربية المسيحيّة المُلقاة على عاتق كلّ إنسان أراد أن يلتزم بالمسيح وأن يبشِّر به، كل إنسان بحسب الموهبة التي أُعطيت له. وهذه التربية تتمّ من خلال كلّ ما تحمله العائلة من معتقدات وأفكار بالإضافة إلى التيارات التي يتعايش معها في المجتمع وفي محيطنا الأكبر . هذه التربية بشّر بها الإنسان بطريقة عفويّة وغير واعية وعبّر عنها بحياته بطرق مختلفة دون أن يدرك أبعادها الحقيقيّة ودون أن يرتكز على معلومات صحيحة اختبرها أو بحث عنها .
أولاً : واقع التربية المسيحيّة الحالي في لبنان، أي الشكل الذي نحن فيه الآن في لبنان :
كلّنا يعلم أنّ مكان التربية المسيحيّة الحقيقيّة هو الكنيسة المحليّة، وأنّ هذه التربية هي عمل يدوم طول الحياة ولا ينتهي أبداً. أما في لبنان فقد انحصر في التلاميذ وفي المدرسة من خلال الساعات المُخصّصة داخل البرنامج لهذه التربية.
فالمشاكل المتأتّية من هذا الوضع عديدة ولاسبيل لنا هنا أن نذكرها لأنّها ليست محور بحثنا الأساسي هنا .
نركّز في هذا العرض على واقع التربية الحالي، فننطلق أولاً من خبرة عشناها عدّة سنوات مع الشباب الجامعي. وثانياً من خلال دراسة صغيرة قمنا بها في مدرستين من بيروت لكي نقيس نسبة المعلومات التي يحملها طلابنا عن الكنائس، ونوضح الأفكار الموروثة عن بعضنا البعض، آملين أن يفسح المجال للتربية المسكونيّة للدخول في هذا المنطق . وثالثاً على خبرة لجنة التعليم الديني التي ألّفتها الرئيسات العامات للتعليم المسيحي والتي تكمل صورة هذا الواقع .
1) في مخيّم للرعيّة الجامعيّة :
أقيم سنة 1982 في منطقة جبيل، كان هناك نحو 76 طالباً وطالبة من مختلف الجامعات الأميركيّة واللبنانيّة واليسوعيّة الخ... ومن مختلف الطوائف أيضاً، كانت الخبرة جميلة جداً أذ شهدنا اندفاعاً قويّاً للشباب وعطاءً لا محدوداً وإيماناً كاملاً بالمسيح.
بعد تحضير دام ثلاثة أيام للرياضة والصلاة والتفكير... أخذنا يوم تحضير للرسالة وحمل الكلمة التي سنقوم بها في القرى المجاورة... حضّرت شخصيّاً مع الطلاب لعمر 11 و 14 سنة فأخذنا إنجيل زكا العشّار. ولكن الطلاب إنطلقوا حاملين ما تعلّموه ليعرضوه على فريق هذا العمر في الضيع المجاورة، وأمام الجموع،فقدوا أو نسوا المعلومات ولم بستطيعوا أن يجدوا المرجع لعدم تمكنهم من فتح الإنجيل . فعادوا مساءً وأخبرونا ما حدث معهم .
وبعد أن أجرينا تعديلات في الفرق، أُرسل الطلاب من جديد وعلى مدّة 15 يوماً، كانوا يقومون بهذه الرسالة ويحتكّون بالشعب الذي كان ينظر إليهم بتقدير ويطرح عليهم أسئلةً إيمانيّة مهمّة فيجدون نفسهم غير قادرين على الإجابة.
وعندما اجتمعنا لتقييم المخيّم، كانت المفاجأة الكبرى، إذ راح الشباب يقولون: لماذا تعلّمنا الفلسفة والرياضيّات والعلوم ولم نتعلّم شيئاً عن إيماننا أو ديانتنا؟ "نحن نلقي الملامة عليكم"وأشاروا بأصابعهم نحونا، أي القيّمين على هذا المخيّم من كهنة ورهبان وراهبات .
ومرة أخرى لمسوا أنّهم لا يعرفون إبراهيم أو إسحق أو يعقوب ... والبعض يعرف فقط أن يذكر أسماءهم ...
ولا شك في أنّ هذا الواقع كان حافزاً للشباب لمتابعة التنشئة الروحيّة وطلبها بإلحاح. أما بالنسبة لي فإن كان آلمني جداً الاّ أنّه أحدث عندي ردّة فعل قويّة أعطتني ديناميكيّة كي أتابع هذا العمل وكي أهتم به بجدّية فأنظر إلى التوجيهات الهامة التي أستنتجها من هذه الخبرة، فأفتح الطريق لكل إنسان أرادأن يوسّع آفاقه التربويّة وأن يتعرّف إلى الكتاب المقدس .
2) إستمارة إستشاريّة وإستفتاء صغير :
عندما طلب منّي أن أحاضر في هذا الموضوع، فكّرت بأنّه غالباً ما نحمل أفكارنا عندما نجتمع في مؤتمرات ونتدارسها، وقليلاً ما نسمع ما يقوله لنا الآخرون أي الطلاب الذين ما زالوا في حقل التنشئة وما زالوا بنتظرون منّا أن نعرّغهم إلى المسيح وكنيسته، وأن نفتح لهم طريق المعرفة الأخويّة المتبادلة، حتى نرسّخ عندهم رغبة التعاون على أسس إنجيليّة صافية تقضي على عوامل الخلاف والحذر التي نعيشها بين الكنائس. لقد استندت الدراسة إلى استفتاء لعيّنة من 64 تلميذاً موزّعة على مدرستين فقط في بيروت، ولا تمثّل كل المدارس ولا كل المناطق . بل هي بحث تمهيدي يهيّء إلى دراسة أوسع وأدق في الموضوع عينه . فالحصيلة التي ستعرض أمامكم هي تماماً كما وردت على ألسن التلاميذ الذين ملأوا استماراتنا .
لقد جُمعت نتائجها في عدّة جداول بيانيّة أُدرجت في صلب النص أو في الملحق وهي تشكّل قاعدة التحليل الصغير الذي قمت به. وأود الإعتذار عن أن ضيق الوقت الذي أُتيح لي للقيام بهذا العمل منعني من أي سعي إلى إغناء التحليل بمعطيات مقارنة كافية إذ لم أتوجّه الى كل المدارس التي تخص مختلف الطوائف مع أنّها متوفرة في لبنان .
لقد أُجريت فقط فقارنة صغيرة ما بين المعطيات الواردة في المدرستين لأنّي لاحظت أنّ ثمّة فوارق ظاهرة ومهمّة بين الإثنين .
فالهدف من هذا الإستفتاء أن نصف الواقع وأن نبيّن الأفكار والصور الراسخة في ذهنيّة الطلاب والإتهامات التي يحماها المؤمنون في قلوبهم ونحو بعضهم البعض .
أملي بذلك أن أعطي فكرة صغيرة ولكن واضحة عن الواقع المُعاش وأن أحدّد نقاط القوة والضعف في واقعنا وفي كنائسنا النتعدّدة كي يتسنّى لنا الإنطلاق من هذه النقاط بالذات لنرسم الخطوط العريضة لتربية مسكونيّة من خلال التربية المسيحيّة.
2- كيف تمّ هذا الإستفتاء :
لقد تمّ هذا الإستفتاء كتابيّاً داخل المدرسة وفي صفوف البكالوريا .
3- تركيب العيّنة وميزاتها :
من جهة تركيب العيّنة، يتّضح أنها تضمّ نسبة ضئيلة من الذكور أي 16.66 ونسبة مرتفعة من الإناث، ويتوزع هؤلاء على نوعين فقط من المدارس الخاصة التي تسيطر على كلٍّ منها نسبة مئويّة مرتفعة من طائفة معيّنة كما تبيّن لنا الجداول التالية:
أ - تركيب العيّنة :
الجنس السكن العمر ذكر انثى بيروت خارج بيروت 14-15 16-17 18 وما فوق
مدرسة "أ" 1 33 1 1 3 23 8
% 3.33 97.20 3.33 8.82 67.64 23.52
مدرسة "ب" 5 25 27 3 1 23 6
% 66.16 83.33 09 10 3.33 76.66 20
ب - التكوين الطائفي لهذه العيّنة :
بروتستنتي روم ارثوذكس روم كاثوليك ماروني سريان أرثوذكس ارمني
مدرسة "أ" 5 9 18 2
% 16.66 30 52.94 6.66
مدرسة "ب" 22 2 5 1 1
% 73.30 6.66 16.66 3.33 3.33
نلاحظ أنّ أعلى نسبة هي للطائفة المارونيّة في المدرسة "أ "، وأعلى نسبة هي لطائفة الروم الأرثوذكس في المدرسة "ب ".
وتبيّن لنا من خلال هذا الجدول أيضاً أنّ الطوائف مختلطة في المدارس ومتعايشة أيضاً . وهي بذلك تعطينا صورة حيّة عن المجتمع اللبناني بواقعه الحالي وباختلاط كنائسه وطوائفه ولا أقول مختلف الأديان .
ج - كيف تظهر هويّة كل طائفة من خلال هذا الإستفتاء :
1- من هو البروتستنتي
مدرسة "أ"
8 مسيحي
9 لا جواب
2 لا اعرف
1 لا يوجد أي تفرقة. هو اخي الإنسان.
- كل من يتبع الكنيسة البروتستانتية على رأسها القسيس
لا يؤمن 7
45 بالعذراء
1 بانّ العذراء بتول
لا يعطي اهمية لدور العذراء.
-ينتسب إلى كنيسة انفصلت عن البابا بسبب بتولية العذراء.
- ينادي بالأخوة والفقر، تيدو عليه
- مظاهر الأخلاق .
- يهتم كثيراً بالأخلاقيات ..
- يتبع مذهباً من مذاهب الكنيسة .
- يخاف من عدم خلاص نفسه . مدرسة "ب"
يؤمن
14
8 بالّه
5 الواحد
2 الرب
1 بالمسيح
لا يؤمن 30
1 بالعذراء
9 بمريم
8 بالصور
5 بالقديسين
- لا يؤمن أن المسيح أتى من الروح القدس .
- - يحترم العذراء والقديسين ويصلي صلاة خالية من
الأيقونات . مرجعه الوحيد الكتاب المقدس .
- عليه أن يؤمن بالعذراء
2- من هو الأرثوذكسي؟
مدرسة "أ"
مسيحي 4
لا جواب 5
الذي لا يتبع
4 الحبر الأعظم
لا يتقيّد بكنيسة روما
لا يؤمن ببابا روما
- مثل البروتستنتي
- يتبع الكنيسة المسيحية
- له سلطة كنيسة عليا غير السلطة التي أخضع لها.
- شرقي ذو تراث عريق في الدين، يتمسّك بالتعليم القويم ولكنه - بذلك يرفض بعض التطورات في الكنيسة.
ن - كل من ينتمي إلى الكنيسة الشرقية البيزنطية وعلى رأسها الإلهية.
- البطريرك المسؤول عن المنطقة بأكملها المسيحية .
مدرسة "ب"
مسيحي 1
يتبع الطقوس البيزنطية انا
يعتقد أن عقيدته مستقيمة.
يعتقد أن عقيدته هي الأصح .
كتابه الإنجيل المقدس
أصله بيزنطي يحتفل بالذبيحة الإلهيّة .
هي الطائفة الأم والمصدر الأول للديانة المسيحية
صورة إيجابية عن الذات ومعلومات عقائدية.
3) من هو الماروني
مدرسة "1"
2 مسيحي
4 لا جواب
1 أنا
التابع 7
5 لكنيسة روما
2 لمار مارون
- متعصّب جدًا. عنده انغلاق على الآخر إذ يعتبر نفسه الأفضل.
- متمسّك بديانته، من الصعب تغيير رأيه أو إقناعه بأي فكرة أخرى.
- مسيحي فقير الأصل ولكن سيطرته على الحكم أبعدته عن إيمانه الأول المتجرّد .
- إسمه مقرون بتاريخ لبنان .
- كاثوليكي ولكن قداسه أقصر .
- يرسم إشارة الصليب بخمسة أصابع .
مدرسة "2"
10 لا أعرف
يوؤمن
8 بالله
2 بالقديسين
2 بالعذراء
- ينقسم عن الكاثوليك ويتبع مار مارون.
كاثوليكي يصلي بالسرياني .
تابع للكاثوليك ويؤمن بالكاثوليك
يرســم إشــارة الصــليب بالخمسة .
4) من هو الكاثوليكي
مدرسة "أ "
4 مسيحي
7 لا جواب
1 لا أعرف
- يتبع بابا روما، كنيسة الفاتيكان روما.
يؤمن ببابا روما.
- طائفة من الكنيسة.
- - أنا.
- مسيحي يتبع البابا في روما ويخضع لسلطة الكنيسة.
- ينتمي إلى كنيسة منفتحة ولكنها مليئة بالأخطاء التاريخية.
- من يؤمن بثلاثيّة الروح .
- إشارة الصليب بثلاثة أصابع
مدرسة "ب "
11 لا جواب
6 يتبع الحبر الأعظم
يؤمن 8
باللّه الواحد والكنيسة الواحدة .
بالبابا .
بالله وجميع القديسين .
بالله والعذراء والقديسين .
بالبابا ويصلي مثل الروم .
مثل الماروني ولكن تراتيله تشبه الروم .
ينتمي للفاتيكان .
يختلف عن الأرثوذكسي ببعض العقائد .
قداسه مثل قداس الروم الأرثوذكس .
يصلي كالروم ولكن علاقته مع البابا والفاتيكان .
ج - كيفيّة توزيع المعلومات :
نلاحظ أيضاً أن المعلومات ضئيلة جداً إذ أنّ الأكثريّة قالت : من يصلّي باللغة الأرمنيّة أو السريانيّة ولم يكن هناك أي تحديد. والزيادة على ذلك يذكرها لنا الجدول السابق إذ أن الإمتناع عن أي جواب سيطر عند العدد الأكبر. وعدم الجواب آتٍ أيضاً من اللامبالاة وعدم الإكتراث لميزات الآخر .
بعضهم من احتجّ وقال : أنا لا أفرّق أبداً فلا أعطي جواباً ...
وهذا الجدول الأخير له الأهمية الكبرى فيما نقول لاحقاً . لأن ما يلفت النظر هو جواب المدرسة "ب "البروتستنتي يجمع أكبر عدد والروم الأرثوذكس لا يأخذ ولا جواب من هذه الفئات .
4-ما هي الفروقات التي نجدها ؟
1) نسبة قليلة قالت لا أعرف الفرق .
2) الفرق غير موجود .
الفروقات شكليّة وضعها الفكر البشري وكلّها تعود الى التنازع السياسي عبر التاريخ ولأسباب أخرى نجهلها. هذه الفروقات هي ظاهرة خارجيّة لأنّ الجميع يؤمن بالله الواحد. ونسبة الذين يعتمدون هذا الرأي كبيرة جداً.
3) الإختلاف موجود في طريقة العبادة .
نلاحظ اختلافاً في اللغة التي تصلي بها كل طائفة وفي كلمات وألحان التراتيل. هذا الإختلاف يظهر أيضاً في هندسة وتصميم وتزيين الكنائس وفي طريقة القداس والوقت المخصّص له، مثلاً: وقت قداس الروم أطول من وقت قداس الموارنة. كما أن لكل جماعة شفيعاً خاصاً بكنيستها .
4) الإختلاف موجود في الطقوس والممارسات الدينيّة والسلطة الدينيّة، الكاثوليك يتبعون البابا .
ويلاحظ اختلاف في تحديد مواقع الأعياد زمنيّاً خاصة عيد القيامة، كما في طريقة تطبيق الأسرار : الزواج، العماد، الجنازات، المناولة الأولى وسر الإفخارستيا .
والإختلاف معكوس على تفكير الأشخاص لأن كل فرد يشعر أنّ الطائفة التي ينتمي إليها تنفرد بمفهوم ديني يجعلها مُميزة مما يخلق التفرقة الطائفيّة .
وقد ردت أسباب الفروقات وكُلّها ثانويّة يتلهى بها المسؤولون لتكوين أتباع لهم يختلفون عن غيرهم بعض الشيء ...
5- ما هي أمنياتك لهذه الكنائس؟
- تدعو الأغلبيّة الساحقة إلى توحيد الكنيسة تحت سلطة واحدة وإلى اتباع العقائد ذاتها وإلى العيش المشترك للسير يداً واحدة في طريق المسيح، ورفض كل فكرة من شأنها أن تؤدي إلى تقسيم الكنيسة وزعزعتها. وآخرين طالبوا المسؤولين الكنسيين أن يضحوا أكثر ويساعدوا الفقراء والمهجّرين لأنهم يرون نقصاً من ناحية مساندة الكنيسة لأعضائها .
- والبعض طالبوا بأن تحافظ كل كنيسة على تراثها مع انفتاح شامل دون تزمّت أو تعصّب كي يصار إلى خدمة جميع المسيحيين دون تمييز .
- نسبة قليلة جداً (شخصان) عبّرت عن رأيها بطريقة جارحة جاء فيها:"أتمنى أن تدمّر سقوف الكنائس على رؤوس كهنتها وشمامستها ومطارينها فيُقتلون ونتخلّص من مناظرهم... هؤلاء اللصوص... الذين لا يرحمون الفقراء".
الفروقات والتمنيات تبيّن عن حق مدى بُعدنا عن بعضنا البعض وجهلنا للآخر وانغلاق كلّ منّا على نفسه حتى من الناحية العلميّة، فلا نحاول عمليّاً أن نلتقي بالآخر وأن نتعرّف إليه، وهذا ما يجعل المسافة كبيرة بين الطوائف، لذا يجب علينا أت نسعى إلى كسر هذه الحواجز للمساهمة في العمل المسكوني من خلال التربية الدينيّة .
3- التربية المسكونيّة ومعلموا التعليم الديني :
من الأمور التي استرعت انتباهنا هي الذهنية التي يعيشها المسؤولون عن التعليم المسيحي من خلال هذه الخبرة الصغيرة
ألّف مجلس الرئيسات العامات لجنة صغيرة تهتمّم بالتعليم المسيحي لتنسقه بين مختلف الجمعيات ولتجمع المعطيات الموجودة على الأرض. تألّفت هذه اللجنة من عشرة أشخاص وكنت بينهم، فتبادلنا فيها الخبرات والآراء للتنسيق على هذا المستوى العالي من المسؤوليّة.
وطرحنا السؤال:"ما هو مفهوم الكنيسة عند كلّ واحد منّا؟ وهكذا لمسنا جماعيّاً الممنوعات التي منعتنا من الإنفتاح على الآخرين وسوّدت صفحتهم عندنا وذلك بسببب عدم احتكاكنا بهم والسعي لتفهّم تراثهم والخبرات التي منحهم إيّها لبرب يسوع.
الأغلبيّة بيننا كانت لا تستطيع التمييز بين الكنيسة والطائفة وحتى بين البدعة والكنيسة، مثلاً: أحد الموجودين رأى أنّ الكلام مع البروتستانت ممنوع، إذ قال:"أنا لا أتكلم معهم مطلقاً"وراهبة قالت:"أنا لا أبحث مع البروتستانت لأني راهبة"، فكيف تطلبون منّا أن نوسّع آفاقنا ونتفهّم غيرنا؟
انطلاقاً من هذا الإجتماع، بدأنا جميعاً بقراءة ما صدر عن الحركة المسكونيّة وعن الكنائس الشرقيّة ورؤيتها على ضوء الإنجيل. ففتحنا قلوبنا على عمل الروح القدس وأخذنا نناقش التبدّل الذي أخذ يطرأ على أذهاننا شيئاً فشيئاً، ونستمع لكل خبرة قام بها أحدنا في بلده، ولكن البعض بقي غير مقتنع وغير متقبّل لهذا الإنفتاح، إذ كان يقول :"نحن نهتم بالتعليم الديني فلماذا تطلبون منا "أن نتعرّف إلى الكنائس والحركات المسكونيّة؟ ولماذا تشدّدون على الإنفتاح المسكوني؟ ".
وقد عانينا الكثير من جراء هذه المواقف، ومع الوقت كان لصبرنا نتيجة، إذ توصّلنا في آخر السنة من خلال العمل الجدّي الدؤوب واللقاءات المتكررة والقرارات المشعة أن نسمعهم يرددون:"لقد فهمنا أهمية العمل المسكوني في التربية المسيحيّة"، وقد جاءت هذه النتيجة بعد التباحث في موضوع المناولة الأولى عند (الكاثوليك ) والموارنة ومختلف الطوائف الكاثوليكيّة وفي
الحفلة الثانويّة التي يقوم بها القيّمون على التعليم المسيحي داخل المدرسة حيث كانت تصادف الأرثوذكس مشكلة كبيرة عندما كانوا يرغبون في التناول مع رفاق الصف والإستمتاع بالحفلة التي تقيمها المدرسة والأهل معاً.
وتوصلنا، ولحسن حظنا، بعد عناء طويل إلى تحديد النقاط التي يجب علينا أن ندرسها ونتفهمها كي نأخذ بعدها المواقف المناسبة، فلا نكتفي بالتذمر من مواقف الآخرين ونعت تصرفاتهم "بالتعصب ".
وقد وردت على جدول أعمالنا اللاحق النقاط التالية :
1- التعرّف إلى نقاط الإختلاف اللاهوتيّة بين الكنائس .
2- مشكلة "أول قربانة " واحترام الآخرين .
3 - دورة ثلاثة أيام للمسؤولين عن التعليم الديني وعن الحركة المسكونيّة أو التربية المسكونيّة .
4- التحليل : من الملاحظ إنّ الظاهرة المسيطرة على هذا الواقع كانت :
1. الجهل: ونلاحظ أيضاً أنّ الجهل متفشٍّ بنسبة كبيرة، فكل يجهل الآخر، والإنسان عدو ما يجهل"، والأكثريّة لزمت الصمت أو عبّرت عن ذلك بكلمة مسيحي. والحقيقة أنّها عجزت عن التعبير عن هذه الكنائس بأقوال مقنعة أو حقائق تعلّمتها أو عرفتها عن الطوائف الموجودة حولها.
لا يجهل الآخر فقط ولايعرف شيئاً عنه، إذ ترددت كلمة لا أعرف أكثر من مرّة، بل يجهل ما يحمله هذا الإنتساب إلى كنيسة أو طائفة .
وهذا الجهل ينبهنا إلى طريقة عمل يجب أن نجدها كي نتعرّف أكثر على بعضنا البعض وكي نتعرّف إلى القيم الأساسيّة التي تميّزنا أو تجمعنا. فلا نعود نشعر بهذه اللامبالاة التي عبّر عنها هذا الإستفتاء ولا
نرشق بعضنا البعض بالتهم أو بالتعصّب والعصبيّة كما تبيّن انا أيضاً . هذا لا يعني أنّه ينبغي أن نجد العلاقة الإنسانيّة أولاً، ثم نبحث عن التربية المسكونيّة .
2. اللامبالاة وعدم الإهتمام بالآخرين أيّاً كان انتماؤهم لأن ذلك لا يزيد شيئاً على حياتهم . وهذا موقف يتميّز به من يشعر نفسه أنّه الأكثريّة ولا يسعى إلى تثبيت نفسه أو إلى مواجهة الآخرين .
3. الخوف : الشعور بالخوف عندما يتكلم أحدنا عن الآخر . الخوف من الإحتكاك به بسبب معتقداته لأنّه يُشكِّل خطراً على المتكلم ويهدّد كيانه .
وهذه الظاهرة التي تبيّنت من خلال هذا الإستفتاء موجودة عند المربين والمسؤولين وعند الأكثرية الساحقة من الشعب لا عن قصد منهم، بل لأنهم هكذا، ولأن الذهنية التي تتكون في العائلة وفي المجتمع هي السائدة وهي أقوى من أي تعليم ديني.
تؤكد حقيقة ذلك دراسة قمنا بها عن "صورة الله المعاشة عند الشبيبةاللبنانيّة ". لقد وجدنا أن كل ما نعلمه عن الله الآب أنّه هو الذي يغضب ويقاصص ويضرب ويميت وإرادته تفسّر أعماله .
وتساءلنا بعد ذلك : هل التربية المسيحيّة تستطيع أن تتغيّر؟
ولاحظنا أن العقبات كثيرة وأنها أقوى وأمتن من أي علم ولا بد من معرفتها كي نستطيع أن نفعل شيئاً حيالها وأنّه لا بد من استدعاء الروح القدس والصلاة والغمل على تبديلها ولوببطء على المستويات الثلاثة كما هي العائلة والمدرسة والرعية.
1- العائلة :
من المهم أيضاً أن ننظر إلى وضع العائلة وإلى مفاهيمها الروحيّة والعقائدية فهي العامل الأول في تركيز أي ذهنية نصطدم بها لأن التربية في المدرسة تتناول التعليم أما التمرين فمجاله في العائلة والمجتمع أوسع.
قليلاً ما تسأل العائلة عن الفروقات اللاهوتيّة لأنها تأتي غالباً كفروقات سطحيّة قائمة على أشكال الكنيسة وطريقة العبادة والقداس الخ... ولكنها (العائلة) متمسكة بالطائفة التي تنتمي إليها لأنه بدونها لاوجود لها في محيطها. فالطائفة لها وجهها السياسي والإجتماعي والذهني، ولأن الطائفة هي متصلة بكيان لبنان وبالسياسة العليا المُطبّقة فيه منذ فترة طويلة مثلاً: ينص الدستور على حق الطوائف في فتح المدارس الخاصة. وفي حقل الأحوال الشخصيّة نجد ضرورة أن يعامل أفراد الطوائف وفقاً للمقتضيات الدينيّة العائدة لكل منهم. وكذلك أيضاً تراعى حقوق الطوائف لدى توزيع الوظائف والمناصب .
2- المدرسة :
والطوائف اللبنانيّة متعايشة ومتداخلة جغرافياً إلى حد كبير. وعلى هذا نجد في المدرسة الواحدة تشابك اجتماعي يحدّ من تطلعات الطائفة الواحدة ويجبرها على أخذ ذلك بعين الإعتبار. وهذه صورة نموذجيّة عن اختلاط الطوائف في المدارس إذ تأتي كما يلي:
واقع إحدى المدارس مع الإختلاط الطائفي
في المرحلة التكميليّة، على عيّنة من 611 تلميذ يوجد :
- 56 % ماروني .
-21.6 % أرثوذكسي .
- 15 % كاثوليكي .
في المرحلة الثانوية، على عيّنة من357 تلميذ يوجد :
- 55 % ماروني
-20.7 % روم كاثوليكي
- 20.7 % روم أرثوذكس
- 2.2 % لاتيني
-1.12 %سريان أرثوذكس
- 1.12 %سريان كاثوليك
- 0.56 % بروتستنتي
-0.28 % أرمن كاثوليك وأرثوذكس
وغالباً ما تتبع هذه المدرسة سنة ليتورجيّة واحدة لطقس معيّن لذا نطرح السؤال التالي : ما وضع الآخرين إذاً؟ وهل الأقليّة لا بد أن تكون ضحيّة عدم وعينا .
في الحقيقة أكثر القيّمين على التربية المسيحيّة لا يميّزون بين الكنيسة والكنائس، بين التنوع والتباعد، بين الإنقسامات والجراح، ولاتهمّهم الفروقات اللاهوتيّة كما سبق وقلنا، بل تكون لهم هذه الفروقات بمثابة علم يحملونه إذ يمشون في مسيرة طائفتهم وخصوصاً إذا كانوا ينتمون إلى ما يسمّى أكثريّة وليس أقلّية. والمشاكل العميقة عند الشعب ليست لاهوتيّة كما نتصوّرها الآن بل أهمها تاريخيّة، سياسيّة إجتماعيّة لا بل إنسانيّة إذ أن كل كياننا التاريخي مجبول بها، ولكي ندرك الحقيقة، علينا أن نبحث في عمق التاريخ ونتفهّم أسباب الإنقسامات ونضعها ضمن نطاقها بالذات . إن بعدنا عن الآخر وعلاقتنا الإنسانيّة به هي أهم مما نتعلمه أونحفظه في المدرسة .
3- الرعيّة :
الإنتماء إلى رعيّة مفقود الآن في بيروت بسبب التهجير .
أن نعيد إلى الرعيّة دورها الحقيقي بالتوعية والإشتراك وبتوجيه الطلاب نحو رعاياهم، فمن الجدير بنا أن نهتّم بالرعيّة وكل معطياتها الدينيّة والروحيّة وأن نعي هذا الواقع وهذه المواقف ونسعى أولاً وقبل أي تدبير إلى عمل توعية يتناول جميع الفئات من كهنة رعايا ومن عائلات ومسؤولين ومعلمين وطلاب ...
وإلا حكم على التربية المسكونيّة بالإنزلاق إلى حركة طائفيّة يتعاطى معها البعض دون الآخر ولا تهم الجميع . وهذا واقع مرضي لكنائس منقسمة على ذاتها .
ثانياًً : هذا الواقع والخطوط العريضة لتربية مسكونيّة :
من المعلوم عند الجميع أن ركائز التربية المسيحيّة هي العائلة والمدرسة والرعيّة وأنّه لا بد من التنسيق والتعاون بين هذه الركائز كي تكتمل التربية الدينيّة وتنتقل من النظرة والكلام إلى الواقع المعاش. وأسوأ ما يضرّها هو التناقض الذي يجده الطلاب بين ما يتعلّموه وما يروه في الحياة حولهم في محيطعم وفي عائلتهم .
هذا سبب من أسباب بعض الفشل الذي نشهده في التربية التي نعطيها إلى الآن .
ولكي نتحاشى هذا الفشل، نتساءل الآن: هل يمكننا دون الإساءة لرسالتنا أن نقسم التربية المسكونيّة إلى مستويين؟ وحسبي أقول: المعرفة أي المعلومات الموضوعيّة والحياة أي العيش رئتان فلا بد م الإثنين معاً للتنفس جيداً ولا يمكن لواحدة أن تعمل دون الأخرى.
1) الثتقيف الديني : أي المعلومات ـ المعرفة
يكون من شأن المدرسة ويُزوَّد به الطلاب بمعرفة موضوعيّة، علميٍة موحدة .
أ - عن الديانات الرئيسة في العالم، وهكذا تتاح الفرصة لكل إنسان ليتعرّف إلى الحقائق الأساسيّة في ديانته الخاصة أو الديانات والطوائف التي يعايشها .
ب- عن يسوع المسيح وعن كنيسته وعن أسرار بيعته من خلال الكتاب المقدس، إذ نتخذه كأساس لتربية دينيّة متكاملة. أي أن يوضع بين أيدي الطلاب كأساس بحث ودرس وصلاة كما كما يقول القديس ايرونيمس"لأنّه يجهل المسيح من يجهل هذه الكتب". والمجمع الفاتيكاني الثاني يدعونا إلى استكشاف
"معرفة يسوع الفائقة " (فيليبي8/3 )، بالعودة المتواترة إلى الكتاب المقدس .
هذا برنامج مسكوني يمكن أن نتباحث به ولنا خبرة صغيرة فيه .
2- التربية العباديّة والطقسيّة :
تُترك للعائلة والرعيّة خارج نطاق المدرسة. أو نطلب من الطلاب أن يسألوا أهلهم أو كاهن الرعيّة عن هذه الأمور وأن يأتوا بها إلى المدرسة فتزيد من غنى حياتنا المسيحيّة وتراثنا ويدرك الطالب تنوع الكنائس ويُقدِّرها إذا المربي نفسه قدّرها.
وننتقل إلى سؤال يشكل بحد ذاته مشكلة، ولكن لا بد من طرحه هنا ومن تحديد دور كل من هذه الركائز المذكورة. فلا نبغي بذلك القوقعة أو الإنغلاق على التراث والذات، بل نسعى كي نجد الطريقة المناسبة التي تحمل جميع الكنائس على السير في طريق الحركة المسكونيّة والإنفتاح الأخوي كي نشرك بعضنا بعضاً خيرات الملكوت . ولبلوغ هذه الغاية لا بد من محاولات عديدة لأشخاص يقومون بها عن اقتناع ويركّزون على التربية المسكونيّة بكل خصائصها .
3- خصائص التربية المسكونيّة
فمن خصائص التربية المسكونيّة أن تحِ الأشخاص على العيش المشترك مع الغير أيّاً كان وذلك بإفساح المجال أمام كل شخص للتعبير الحرر عن هويته وعن معتقداته وله في ذلك الإحترام والتقدير .
وتكون التربية مسكونيّة أيضاً إذا خلقت عند الجميع رغبة في الوحدة خاصة من خلال حثّهم على المثابرة في البحث كي يصار إلى العمل الجماعي بتواضع وحرارة الروح وتسهيل الطريق وإزالة العقبات .
أ - المضمون:
ولكن كيف نستطيع أن نحدّد مضمون هذه التربية المسكونيّة. هل نستطيع أن نتجاهل كل الفروقات وتاريخها وأن ننادي كل إنسان"أخي"، أو نشدّد فقط على النقاط المشتركة بين الكنائس أو نشرح نقاط الفرق ونميّز بين الفروقات والتعدّدية المتجانسة والمتكاملة.
من الصعب أن نجيب بكلمة وجيزة :"نحن لا نعلم ".
ب - الرسالة :
نحن لا نحلم على الأرض بكنيسة خالية من جراح وآلام، كنيستنا بحسب القديس أفرام السرياني
"كنيسة هالكين وتائبين " تصارع قوى الشر وتثبت بالنعمة الإلهيّة .
رسالتنا شهادة في مجتمع متعدّد الطوائف والأديان . إن رسالتنا تُعاش في علاقات شخص مع شخص، حيث الروح يفيض بالإيمان، وفي الوعي الجماعي لدورنا كمنارة في العالم لاسم يسوع .
الجماعة المتنافرة هي ليست جسد المسيح فعلاً، وهي غير قادرة على التبشير، فما حال الجماعة الفاترة؟
فالحاجة الماسة أن نلتقي مع بعضنا البعض ويدرك كل واحد تعليم طائفته ويشرحه شرحاً وافياً ويعرض ميزاته وشعوره بوضوح، ونتعاون جميعنا كي نترسّخ كل في كنيسته ونحيا إيماننا بصدق ومحبة .
حاجتنا أن نبشّر بالمسيح الواحد وأن تتغلغل التربية الدينيّة المسكونيّة إلى أعماق كيان كل إنسان فتحوله وتؤنسه حقاً .
لا نريد أن نولّد عند الآخرين أفكاراً سطحيّة وديناً سطحيّاً يكون بكثابة طلاء خارجي أو قناع يبقي الغرائز وراءه على خالها من الأنانيّة والفظاظة غير المهذبة وغير المعقولة، بل نساعده كي يسمع كلام الرب ويتغذى منه فيلين قلبه ويكون أجمل تربة له.
4- مهمات هذا العمل :
وأنتم الذين اختارهم الله فقدّسهم وأحبّهم، البسوا عواطف الحنان والرأفة والتواضع ...لتحل في قلوبكم كلمة المسيح بكا غناها لتعلموا وتنبّهوا بعضكم بعضاًبكل حكمة " كولوسي 16/3
نسعى من خلال التربية المسكونيّة ونطلب من المسؤولين :
1) أن يشعر بعضنا بوجود البعض الآخر وهذا لا يزال غائباً في لبنان .
2) أن نبيّن لبعضنا مدى تكامل التراث الشرقي وإغناء الطوائف بعضها لبعض . وهذا يساعد الفرد على التعمّق بإيمانه واحترام تراث الآخرين .
3) أن نركز على التراث الحي الموحّد الذي شهد له آباء المجامع المسكونيّة الأولى .
4) أن نعرف سر الكنيسة المحلّية والميزات التي تتفرّد بها كل كنيسة .
5) أن نعي الفرق بين الإيمان الواحد والتعبير اللاهوتي والليتورجي والقانوني الذي يختلف من كنيسة إلى أخرى .
ونستطيع أن نبرز ما يوجد من إيجابيت عند الآخر ونتعامل مع بعضنا بمحبة ولا نكتفي بتبادل الأفكار والآراء .
فإذا استندنا إلى معطيات النمو الفكري للإنسان، نعرف أنّ الولد يفهم ويحفظ الحركة أولاً ثم النغم ثم الكلام. فأول ما يشعر به هو وجود الآخر والإحساس به ليس فقط من خلال العائلة، ولكن في المدرسة وفي الرعيّة. بذلك نُبعد عن مخيِّلته كل ما يسيء إليه ونحاول أن نخرج من ذهنيّته كل ما هو مترسّخ كسلبيات تكيّف تصرفه وشعوره من حيث لا يدري وتجعله يتجنّب الآخر ويبقى بعيداً عنه .
نحن بحاجة إلى مربّين ملتزمين بكنيستهم وبرعيّتهم ومنفتحين على غيرهم. والواقع الأليم يشهد أن ليس لنا حتى الآن أي تخطيط لتوجيه بهذا الإتجاه. نتجاهل أن المربي أو المرشد الديني أيّاً كان مكانه أ اختصاصه، هو في حياته بشارة يوميّة، واننا بصراحة لانفهم هذا التقصير ولنا من الخبرة ما لنا في هذا المجال .
ثالثاً : النقاط العملية لمتابعة هذا العمل
انطلاقاً من هذا كلّه يلح علينا واقعُنا أن نعمل على مختلف الأصعدة فنهتم من جهة بخلق الأجواء الإيجابيّة الجماعيّة وذلك من خلال:
1) الأجواء العامة :
- تكثيف اللقاءات بين مختلف الكنائس على مختلف الأصعدة بهدف اللقاء الأخوي والتعارف المتبادل .
- تحضير حوار أوسع، نرجوه حوار محبة كي يعبّر حقيقة عن كنيسة الكنائس .
- تسهيل الإنفتاح على الآخر واحترامه والسعي كي يشعر كل فرد أنّه محبوب ومقبول من الآخر أيّاً كانت طائفته والعمل الجماعي كي يسود جو الحرية الفكرية والنقاش اعلمي والتعاون المسكوني الأخوي .
تصحيح الصور المغلوطة الراسخة في أذهان الكثيرين عن مختلف الطوائف وقد ساهم ذلك في ترسيخها تاريخ طويل أعطاها وجهاً سلب منها أصالتها وجذورها وشوّه المسيحية الأصيلة .
- كشف وجه المسيحية "المحبة " لأن إلهها كذلك، وهذه المحبة تستمد قوتها من الصليب لا من البندقية . وانها حاضرة في التاريخ لا لأنها مؤسسة بل لأن ربّها صانع للتاريخ .
- التعامل على عيش هذا القاسم المشترك الأكبر بيننا وهوالمحبة في كنيستنا، في مجتمعنا، في مدرستنا وعلى كافة الأصعدة ."المحبة تتأنى وترفق وتصفح عن كل الأخطاء والزلات ".
2- عقد المؤتمر :
ضرورة عقد مؤتمر لوضع الخطوط للعملالتربوي المسكوني وتصور تطوره آلى مدى أبعد. ليس المقصود وضع برنامج تعليم ديني، مع أنّه ضروري جداً كأول خطوة نقوم بها، بل وضع برنامج تعليم وتدريب وتأهيل موجه إلى كل من العائلة والمربين في المدرسة وفي الرعية.
3- تأليف لجنة عليا للتربية المسكونيّة يناط بها :
أ - درس وتأليف برنامج مسكوني .
ب - إقامة دورات تثقيفيّة خاصة للمربين والمسؤولين في المدارس والرعايا كي تنمي عندهم الروح المسكونيّة وتعرفهم أكثر على التراث المشترك وعلى هذا البرنامج .
ج - إقامة رياضات روحيّة مشتركة اقتناعاً منها بوجوب الصلاة والتأمل والتوبة اتبديل قلبنا وتغيير ذهنيتنا كي تتبلور على نور المسيح وتتغذى من إنجيله .
د - تأليف منشورات تتوجه إلى المعلمين وتتناول مواضيع البرنامج المحدد لكل سنة وتهدف إلى إعطاء معلومات جديدة وأساسيّة تساعد المعلم على التعمق أكثر فأكثر في لقاءاته وتمنحه آفاقاً جديدة .
ه- الإهتمام بالشباب لمحاربة الجهل من خلال نشرات تساعدهم في مناقشة المواضيع التي تهمّهم وتكون وسيلة لقاء وتعارف بين مختلف الطوائف والأديان والمناطق، وتهدف إلى تغذية روحيّة ومعنويّة كما تعطي الشباب الفرصة للتعبير عن آرائهم وعن معتقداتهم بكل حرية.
و - متابعة هذه المواضيع والتنسيق بين الجهود .
التربية الدينيّة هي حقل نرتجل فيه حتى الآن، كل قدر ما شاء. المفروض أن تحضّر هذه التربية كقاعدة الفكر المستقبلي القريب والبعيد. وأن تخلق فينا الروح المسكونيّة الحقّة."هل نحن اليوم مدعوون إلى أن نفتح ملف التربية على مصراعيه"حسبي أنّ المسيح يبشّر به على كل وجه .
خاتمة :
من الضروري أن نعترف بضعفنا وأن نقدّر الخيرات المسيحيّة التي تنبع من التراث المشترك والتي توجد عند إخوتنا ...
إن اقتنعنا فعلاً بهذا العمل، فلنتحرّك معاً وانتعاون من أجل جيل واعٍ، خلاق مسكوني غير آبهين بإمكانيات يسكبها الله علينا نعماً إن خدمنا نحن اسمه القدوس. وإن لم نقتنع سيكون حُكم الله علينا كما أشار هو له في مثل"طمر الوزنات".
ولهذا ينبغي أن نطلب من الروح الإلهي نعمة التجرّد الصادق والتواضع والوداعة في الخدمة والكرم الأخوي نحو الجميع على مختلف مذاهبهم ونقول مع الرسول بولس:"فأناشدكم إذاً، أنا السجين في الرب، أن تسيروا سيرةً تليق بالدعوة التي دُعيتم إليها، سيرة ملؤها التواضع والوداعة والصبر محتملين بعضكم بعضاً في المحبة ومجتهدين في المحافظة على وحدة الروح برباط السلام .
- 329 views