يُروَى أنَّهُ عندَما تقَدَّمَ نَابليون نحوَ الأراضِي الرُّوسيَّة بِقصدِ إحتلالِها، صادَفَ فَلاّحًا يعمَلُ بمِنجَلِه، فَسألَهُ عن أقرِبِ الطُّرُقِ المُؤدِّيَة إلى إحدَى البلدَاتِ بعد أن أعلَنَ لهُ عن هُوِيَّتِه .

فسألَ الفلاّحُ ساخِرًا : ومن نَابليون هَذا ؟ أنا لا أَعرِفُه.

فقَالَ نابليون غاضِبًا: سوفَ أجعَلُكَ تعرِفُ من أنا.

ثمَّ نادَى أحَدُ الضُّباط وَأمرَهُ بِأن يُسَخِّنَ قِطعَةً من المعدَنِ على هَيئَةِ حَرفِ “N“ الّذي يَبدأُ بهِ اسمُ نابليون حتّى درجَةِ الإحمِرارِ ثُمَّ أن يَلصُقَها على ذراعِ الفلاّحِ اليُسرَى.

وبعدَ أن تمَّ لنابليون ما أرادَ، هَوَى الفَلاّحُ بالمِنجَل على ذِراعِه من عِندِ  الرَّسغِ  وَقطعَها  وقالَ لِنابليون   وَالدَمُّ   يَنزِفُ منه : خيرٌ لي أن أمُوتَ أو أَحيَا بِذرَاعٍ واحِدَةٍ من أن أعيشَ بِجسمٍ مُتَلَوِّثٍ بالحَرفِ الأوَّلِ من اسمِك ... إنّني وما أملُكُ  لوَطَني!!!

ذُهِلَ نابليون من رَدِّ هَذا الفَلاّح فَصَاحَ في جُنودِهِ أن يُحضِرُوا الزَّيتَ، وَيقُومُوا بِغَليِه وَيَغمرُوا البَقيَّةَ الباقِيةَ من يدِهِ فيه، لإيقَافِ النَّزيفِ قَائِلاً لهُم : حَرامٌ أن يموتَ رَجُلٌ يملكُ هذه الشَّجاعَةَ وهَذِه الوَطنيَّة. ولكنْ، إلى أن أحضَرُوا الزَّيتَ وَقَامُوا بِغَلْيِهِ، كانَ الفَلاّحُ قد نزَفَ دَمًا كَثيرًا وما هِيَ إلاّ دَقائِقُ حتّى لفَظَ الرّوح.

حَزِنَ نابليون عليهِ حُزنًا شَديدًا لِدرَجَةِ أنَّهُ أمرَ بِحفْرِ قَبْرٍ لهُ يُدفَنُ فيه. وَمكثَ في المكانِ نفسِهِ عِدَّةَ أيّام. وَقبْلَ أن يُغادِرَ، وَضعَ قُبَّعَتَهُ الشَّخصيّة على القَبرِ وَتركَها تَكريمًا وَتقدِيرًا لِذلِكَ الفَلاّح الجَريء وَأَمَرَ قُوَّاتِه بِأن تتَجَاوَزَ تلكَ القَريَة ولاتَدخُلَها أَبَدا .

هذه قِصّةُ فلاّحٍ ضَحّى بحياتِه من أجلِ وَطَنِه وَبلا مُقابِل.

فأينَ نحنُ من تضحياتنا لوَطنِنا ؟؟؟؟


Attachment