كانَتْ الحُريَّةُ هِيَ الشِّعارُ الذَّهَبِيُّ لِوالِدَيَّ، اللّذَين كانا يُمارِسان كُلّ المَمنوعات بِاسمِ الحُرِّيَّة!
    بِكُلِّ أَمانَةٍ، تَمَنّيتُ أن يَرسُمَ لي أَهلي حُدودًا في تَصَرُّفاتي، حَيثُ أَنَّنا نَحنُ الصِّغار عِندَما نَعيشُ هَكَذا، لا نَشعُر بِأَيِّ أَمان!
    لمّا أَصبَحْتُ في سِنِّ المُراهَقَة، سِرتُ في طَريقِ والِديَّ! هَل كانَتْ هَذِهِ الحَياة عادِيَّة بِالنِّسبَةِ لي؟ كَلا وأَلف كَلاّ! فَقَد مَلأَني اليَأسُ والإحباطُ وَكُنْتُ أَشعُرُ بِالرُّعبِ وهَواجِسِ الظَّلامِ والغَمّ والاكتِئابِ، وَكَرِهتُ الحُرِّيَّة! فَسافَرْتُ إلى نيويورك وَهُناكَ بَحثْتُ عَن شَيءٍ يَجعَلُني أَشعُرُ بِحَياةٍ أَفضَل. إلّا أَنّي انغَمَستُ في الرَّذيلَةِ أَكثَر وَأَكثَر وازدادَتْ حالَتي سوءًا.
    في هذا الوَقت، التَحَقْتُ بِمَعهَدٍ لِلفُنونِ الجَميلَة. وَحَدَثَ أنَّ مُديرَةَ المَعهَد، المُؤمِنَة بِالرَّبِّ يَسوع، كانَتْ دائِمًا فَرِحَةً ومُبتَهِجَة. فَقُلتُ في نَفسي «إن كانَ الذَّهاب لِلكَنيسَةِ يُفرِح هَكَذا، سَأَذهَبُ أَنا إلى الكِنيسَةِ»، حَيثُ أَنّي لم أُحاوِلْ ذَلِكَ مِن قَبل طَوالَ حَياتي. ومِن اللّحظَة الّتي دَخَلتُ فيها ورَأَيتُ المَصلوب، شَعَرتُ بِشَيءٍ مُختَلِف! وفي صَباحِ الأَحَد التّالي، مَلأَني اشتِياقٌ شَديدٌ لِلذَّهابِ مَرَّةً أُخرى. ولمّا وَقَفَ الكاهِنُ يَعظُ مُتَحِدِّثًا عن «الرَّبِّ يَسوع المَسيح الّذي وَحدهُ يَمنَحُ الحُرّيَّة الحَقيقِيَّة ويُحَرِّرُنا من خَطايانا»، قُلْتُ في نَفسي: «أَنا في حاجَةٍ إلى سِرِّ التَّوبَة!» ولمّا اعتَرَفتُ لِلكاهِن، لَمَسَني الفَرَحُ في أَعماقِ قَلبي، وأَحسَّستُ وَكَأنَّ السَّلاسِلَ الّتي تُكَبِّلُني تَحَطَّمَت! وَلأَوَّلِ مَرَّةٍ في حَياتي تَمَتَّعتُ بِسَلامٍ حَقيقِيّ مَلأَ كَياني كُلّه، وصِرتُ شَخصًا جَديدًا مُختَلِفًا تَمامًا! واظَبتُ على قِراءَةِ كَلِمَةِ اللّه في الكِتابِ المُقَدّس وعلى التّقدّم من سرّي التّوبة والإفخارستيّا!
وَفَهِمتُ أنَّ الحُرِّيّةَ لَيسَتْ في أن أُلقي بِنَفسي في قَلبِ الرَّذيلَة أو في أَحضانِ الشَّرّ... فهَذِهِ هيَ العُبودِيَّة بِعَينِها؛ الحُرّيَّةَ الحَقيقِيَّةَ هِيَ في المَسيح، الّذي قالَ «فَإذا حَرَّركُم الإبن،كُنتُم أَحرارًا حَقًّا» (يوحنّا 8/36).

 

Attachment