وَقَفَ رَجُلٌ يُعطي محاضَرة بمناسَبة سنةِ الرّحمة ويقولُ: «علينا أن نعيشَ الرّحمة وأن نغفر إساءاتِ بَعضِنا بَعضًا. فَكَيفَ نَطلُبُ إلى اللّهِ أن يرحَمَنا وأن يُسامِحَنا ونَحنُ لا نُسامِح غَيرَنا مِن البَشَر؟»
    وبَعدَ انتِهاءِ كَلِمَتِه، أخَذَ زَوجَتَهُ مِن بَينِ الحُضورِ وانصَرَف. وَأَثناءَ عَودَتِهِما إلى المَنزِلِ، قالَتْ لَه: «يوجَدُ شَيءٌ أُريدُ أن أُخبِرَكَ بِهِ وَكُنتُ مُتَرَدِّدَة. ولَكِنَّ كَلامَكَ اليَوم، أَعطاني دافِعًا قَوِيًّا لِلحَديثِ مَعَكَ بِشَأنِه.»
 فَقالَ لَها: «تَحَدَّثي يا حَبيبَتي.»
    فَقالَت: «لَقَد أَخَذْتُ ساعَتَكَ الذَّهَبيَّةَ وقُمتُ بِبَيعِها كَي أَشتَرِيَ أَشياءَ تَنقُصُني».
    فَأَوقَفَ السَّيّارَةَ فَجأَةً وقالَ لَها: «ماذا تَقولين؟!» فَقالَتْ لَه: «نَعم! كُنتُ أَحتاجُ إلى نُقودٍ كَثيرَةٍ وَأَنتَ مَشغولٌ عَنّي، فَلَم أَجِدْ أَمامي سِوَى هَذا».
    فَصَفَعَها على وَجهِها وقالَ لَها: «أَيَّتُها السّارِقَة.. هَل طَلبْتِ مِنّي ولم أُعطكِ!!»
    فَابتَسَمَتْ رُغمَ قُوَّة الصَّفعَةِ قائِلَة: «أَرَدْتُ أن أختَبِرَكَ هَل سَتَرحَمُني وتسامِحُني مِثلَما وَعَظْتَ الجُموعَ مُنذُ قَليلٍ؟ فَاطمَئِنْ يا زَوجي العَزيز، ساعَتُكَ مازالَتْ في يَدِكَ.
وتذكّر الرَّحمَة ليسَت أقوالاً بل أفعالاً!»





Attachment