محاضرة للأخت وردة مكسور القيت في مختلف المناطق اللبنانية مثلا:  زحلة –مغدوشة-بشمزين- مرجعيون وغيرها تلبية لدعوة من مجلس كنائس الشرق ألاوسط 
خلاصتها أن: ما قلَّة الثقَة بالنفس هيَ مِن أخطَرِ الأمور التي يُمكِن أنْ تُربّى المرأةُ عليها لأنَّ الشخصَ الّذي لا يثِقُ بنفسِه لا يُمكنُه أنْ يعمَل للصُّلحِ ولا للمُصالحَة وبالأحرى لا يعمَلُ للسلام بل يتحوَّلَ إلى مُتسلّطٍ وعنيفٍ وإلى شخصٍ ضعيفٍ خاضعٍ ومقتنعٍ بالظلم. سلامُ العالم وسلامُ الدّول الكُبرى والقويّة ، سلامٌ مفروضٌ، سلامٌ جَبْريّ. أمّا سلامُ يسوعَ فسلامٌ طوعيّ.. هو سلامُ الأحرار، نحن  نختارُ أو لا نختارُ هذا المسار، وطوبى لنا إن اخترنا السّلامَ الذي أتى من عندِ اللّه. لأنه يقول لنا :"لا تضطرِبْ قلوبُكم  ولا ترهبُوا " لأنّ المحبّة قد انسكبَت فيها إلى الأبد، والأمان على الدّوام.
 

 
المرأة رسولة السلام تحديات وحلول
المقدمة
1 – ما هو السلام
1. انواع السلام
1. السلام السياسي
2. السلام الاقتصادي
3. السلام الاجتماعي
4. السلام النفسي
5. السلام الروحي بالمسيح
 II التحديات 
1. التّربية في مجتمع ذكوري بامتياز
2. العنف الجنسي
3. جرائم الشرف
4. اللاعدالة واللاّمُساواة
 
  III الحلول المُمكنة
1. تغيير جذريّ في عمليّة التّربية والتعاون
2. استعادة الثّقة بالنفس
3. المُجابهة والمصالحة مع الذات في بيتها  ومع الله  والمُواجهة
4. تنمية طاقة الخلق الكامنة فيها ةانماء علاقة سليمة مع الله
 
 
النهاية: صلاة العهد
 صلاة يوميّة تساهم في تقوية المرأة وفي تقدّمها في الحياة الروحيّة 
 
 
المرأة رسولة السّلام  التّحديات والحلول المُمكِنة
 
أن نعيشَ في عصر العَولمة والانفتاحِ والتّقدُّمِ يعني ان لنا رجاءً جديدًا وآمالَ عديدة.
لقد اصبَحَ العالمُ بأسرِه قريةً صغيرةً يتجوَّلُ فيها المرءُ بواسطةِ زرٍ يكبسهُ ويسوحُ شاهدًا مُتسائلاً وفي أغلبِ الاحيان تائهًا عمّا يجري هنا أو هناك.
وأن نشهدَ أنّ الانسانَ اصبحَ محورًا أساسيًا قادرًا على التواصل الآني والفوري مع العالم، هذا أيضًا له حسناتُه ومخاطرُه. ولكنّه ليس مجرّدَ صدفة وليس امرًا عابرًا بل كلّ هذه الحداثة دخلتْ في صميمِ حياة الانسان دون استئذانٍ واصبحَتْ تلعَبُ دورًا جوهريًا في الحياة والعمل والتفكير.
وفي الوقت نفسِه، إذا تابَعْنَا كلّ ما يجري هنا وهناك، سنُشاهِدُ احتجاجاتٍ وعُنف وتخريبٍ وترهيب وتفجيرات وضربٍ وحرب...
ونتساءَلُ من هو وراءَ كُلّ هذه الاضطرابات وهل نحنُ معنيون بها أو لنا دورٌ ما فيها؟
والمرأةُ التي هي نصفُ البشرية، تواكِبُ كُلَّ ذلك حاملةً في كيانِها كُلَّ هذه التناقُضات والمشادات وساعيةً الى رفعِ صوتِها كي يسمعَها احدٌ تقولُ انها هي رسولةُ سلامٍ ولكنّها تعيشُ أكثر من غيرها في مُجتمعٍ "ذكوري" حيثُ تعودُ السلطةُ والقُدرةُ والقرارُ الى الرجل وهي تبقى المنفذة الملتزمة بأبيها أو زوجها أو أخيها.
تعيشُ في جوِّ ثقافةِ الخوف.
وتعيشُ العنف بكلّ اشكالهِ أكان الكلامي أو الفعلي في جوٍّ انفعالي وردَّات فعلٍ غير منطقية ولا مدروسة.
تعيشُ مسلوبةَ الحريةِ والقرار بعيدةً عن اتخاذِ القرار أو ادارة الاعمال بنفسِها ويُطلَبُ منها أن تكون صانعة السلم في كُلِّ هذه الاوضاع والحالات.
التحدياتُ عديدةٌ والحلولُ مقفلةٌ ومكبّلةٌ بأيدي الحُكّامِ والمسيطرين على الحياة السياسيةِ والثقافيةِ والعائلية. فكيف يُمكنُها أن تواجِهَ هذه التحديات كي تكونَ رسولةَ سلام؟
سنعالج هذا السؤال بثلاث نقاط:
1. مفهومُ السّلام وما هو هذا السلام المنشود ؟
2. التَّحديات
3. كيفيّة العمل أمام هذه التحديات.
 
قبل تحديد معنى السلام ومفهومه، سأبدأ اولا بهذه القصّة 
  أقام ملك إحدى الممالك مسابقة رسمٍ تحت عنوان  " أجملُ صورةٍ معبّرة عن السّلام"  ووعَدَ بجائزةٍ قيّمةٍ جدًّا لأفضل لوحة . فحاوَلُ العديدُ من الفنانين القيام بهذا الأمر .....
 
تأمَلَ الملكُ كلَّ الأعمال المُقدّمة له واختارَ من بينها صُورتين أعجبتاه حقاً  ... ولكن كان عليه أن يختارَ إحداها:
   الصورةُ الأولى كانت تُمثّلُ بحيرةً هادئة ، صافيةً تنعكِسُ على مياهها صورةَ جبالٍ شامخة.  وفوق الجبال نُسِجت سماءٌ زرقاء لا يُعكّرُ صَفوها الاّ بعضُ الغيوم العابرة .... كل من رأى تلك الصورة اعتبرَ أنّها تجسيدٌ حقيقي لمعنى السّلام
   أمّا الصورة الأخرى فكانت تحوي أيضاً جبالاً وسماء. ولكن جبالُها كانت قاسية ومتعجرفةً، وسماؤها ساخطةً غاضبة تبرقُ وترعدُ وتمطرُ بشدّةٍ وشراسة ... وقرب الجبال ، كان يهبِطُ شلالٌ غزيرَ المياه.
 
لكن، عندما أمعنَ الملكُ التحديقَ في هذه الصورة شاهدَ إلى جانب الشلال شجرةً خضراء تنبتُ بين الصخورِ وعليها، بَنَتْ عصفورةٌ عشاً لصغارها.
 
 أيّة صورة ربحت الجائزة برأيكم ؟
لقد اختارَ الملك الصورة الثانية .... أتعرفون لماذا ؟ لأنّ السّلامَ، وبحسب قول الملك ، لا يعني أن نكونَ في مكان لا يوجد فيه ضوضاء أو مشاكل أو تعب وعمل شاق .
 
السلامُ الحقيقي يعني أن نُحافِظَ على سلامِ قلوبنا حتى ولو وجُدِنا وسط الضوضاء والضجيج والمشاكل .
 
ما هو مفهوم السّلام ؟
كثيرًا ما نُحدِّدُ معاني الكلماتِ بالإشارةِ إلى نقيضها. فنقول: "المحبَّةُ هي عكسُ الكراهية والبُغض، والفرحُ هو عكسُ الحُزن، الخ... فما هو عكسُ السَّلامِ يا تُرى ؟
أوّلُ كلمةٍ تتبادَرُ للذهنِ هي كلمةُ "حرب". فنقول: "إنّ عكسَ السلامِ هو الحربُ أو العنف وتأكيدًا على ذلك كثيرًا ما نسمعُ هذه الأيام عن نشرِ ثقافةِ السلام لمُواجهة ثقافةِ العنفِ والحربِ وإلغاءِ الآخر.
ربما امكنَ تعريفُ السلامِ بأنه حالة يخلو فيها العالم من الحروب والنزاعات او بانه حالةٌ من الامن والاستقرار تسودُ العالمَ وتُتيحُ التطورَ والازدهار للجميع. قد يبدو ذلك حلمًا طوباويًا بعيد المنال اذ لا تخفى حالةُ العالم اليوم على احد!
غير انَّ الكتاب المقدس يقول "لكلّ شيءٍ زمانٌ ولكلِّ أمرٍ تحتَ السماوات وقتٌ......"للولادةِ وقتٌ وللموتِ وقتٌ... للحبِّ وقتٌ وللبغضِِ وقتٌ، للحربِ وقتٌ وللصلحِ وقتٌ" (سفر الجامعة 3).
واضحٌ إذًا أنّ نقيضَ الحربِ هو الصلحُ، هو السلمُ وليس السّلام... وهناك فرقٌ بين الصلح والسلام.
كثيرون يخلطون بين هذه المفاهيم ويستحيلُ حينَها العمل لأنّ الصلحَ هو في أيدي الدول العظمى التي تَشِنّ الحروب باسم الحريةِ والسلام، باسم حقوق الانسان، باسم السلام.
هذا الادّعاءُ مرفوضٌ لأن السّلامَ يأبى سفك الدماء ويرفضُ التدمير. السلامُ تُعزِّزه المحبّةُ وهو يُعزِّزُ المحبّة، لذلك نرى أنَّه من الطبيعي جدًا ان يحيا المسيحيُ السّلامَ حتى لو كان يعيشُ أسوأ الاحوال الانسانية وأسوأ الحالاتِ السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعية والشخصيّة والعائليّة. الحرب والصلح نقيضان، أمّا السّلام بالمسيح فمُمكن حتى في خضمّ الحرب.
 
السلامُ على انواعٍ ايضا ويجبُ ان نميّزَ بينها:
 
1. السّلامُ السياسي تعبيرٌ عن انتفاء الحروب وازالةِ الأحقادِ وتنقيةِ الأطماع وضَبط التوتراتِ وتشريع العلاقات بين الأوطان. وهو داخليٌّ يسودُ علاقاتِ المواطنين بعضِهم ببعض في نطاق الانتماءِ الواحد إلى الوطن . وهو خارجيّ يسودُ علاقاتِ الأوطان بعضها ببعض في نطاق الانتماء الواحد إلى البشرية القاطنة على وجه البسيطة.
 
2. السّلامُ الاقتصادي هو تضامُنٌ صريحٌ بين الميسورين والمعوزين , وتعاونٌ صادقٌ في سبيلِ تجاوزِ عقباتِ النموّ في البلدان المحرومة .
 
3. أمّا السّلامُ الاجتماعي تعبيرٌ عن تعايشٍ محمودٍ بين الأجيالِ والذّهنيات, واحترامٍ عميقٍ للحقوقِ والواجباتِ، وتمثيلٍ عادلٍ لجميع التيارات والأفكار والآراء، وتواصلٍ مُثمر بين الأوساط والبيئات والقطاعات.
 
4. السّلامُ النفسي هو تعبيرٌ عن إدارةٍ حكيمة للتَنَازُعات الداخلية والمُشادّات الباطنية , وانسجامٌ دائم بين القولِ والفعل ، المُعلن والمحجوب . 
 
5. السّلامُ الروحي بالمسيح
أمّا السّلامُ الرُّوحي، وهو موضوعُ السلام الذي خصَّنا به الله في سرّ التجسُّد واعتلان كمال الحب الإلهي في شخص يسوع المسيح , فميزَتُه المسيحية أنهُ سلامُ الكيانِ بأجمعِه لا يظفرُ به الإنسانُ ما لم يسعَ سعيَ الجهادِ الأقصى في بناء ضروب السلام الأخرى. وكما يقول الاب مشير عون : وللسلام الروحي طبقات ونغمات وألوان ووجوه شتى
فالسلام الروحي هو أولا السلامُ الذي يختبرُه الإنسانُ الباحثُ عن معنى التأسيس الأصلي لوجوده, وهو المعنى الذي يستغيثُ به ليستطلِعَ سائِرَ المعاني الوجودية المتصلةِ باكتشافِ أصلِ الحياة وغايتِها، ومعاني الحقِ والواجب , ومعاني النضالِ والالتزامِ والوفاء، ومعاني السعادة والألم والشقاء, ومعاني الموتِ والبقاء، والخلود . فالعثورُ على هذا المعنى الأساسي للحياة هو الذي يضمَنُ للإنسانِ سلام الكيان بأجمعه . والإنسانُ المسيحي يعتقدُ أن معنى التأسيس الأصلي لوجوده يختَزِنُهُ حدثُ يسوع المسيح في ميلاده وظهورِه واعتلانِهِ وسيرتِهِ وأعماله وأقوالهِ ومبادئهِ وتعاليمِهِ وروحِه الفاعل في التاريخ . فالباحثُ عن السَّلام الروحي في نطاقِ المبايعةِ المسيحيةِ ينبغي له أن يستخرجَ هذا المعنى من مواظبتِهِ على مُصاحبةِ المسيح مصاحبة الألفةِ والاستعانةِ والاستلهام.
 
غير أنَّ هذا السلامَ الروحي لا يكتملُ في كيانِ الإنسان ما لم يعتنقِ الإنسانُ مُقتضياتِ هذا المعنى ومُستلزَمَاتِهِ ومُتطّلباتِهِ اعتناقًا وجوديًا كاملاً شاملاً يُنيرُ به مسرى حياته كلها . والإنسان المسيحي يعتقد أن يسوعَ المسيح ربطَ ربطًا فريدا معنى وجوده بمسرى حياته، حتى إن كل قول من أقواله وكل فعل من أفعاله وكل موقف من مواقفه كان تعبيرًا أمينًا عن جوهر هذا المعنى الأصلي الذي وهبه لوجوده كله .
 
وهكذا يتجلّى السَّلامُ الروحي مُرتبطًا بما اعتنقَهُ يسوع المسيح من معنى لوجوده . فمن يعتنقُ حقيقةَ حدث يسوع المسيح ,ومن وراءِ هذا الحدث، معنى وجودِ المسيح ، وحقيقةَ الحب الإلهي، يحصُلُ على السلام الروحي في أبهى حُلَلِهِ وغنى أبعاده وعُمق مراميه ذلك أن بين الحُبّ والسلام اقترانًا وثيق العرى. فالشخصُ المُحب والمحبوب يَنعَمُ بسلامٍ روحي فائق الإدراك
 
IIالتحديات 
1) التّربية في مجتمع ذكوري بامتياز
2) العنف الجنسي
3) جرائم الشرف
4) اللاعدالة واللاّمُساواة
 
  III الحلول المُمكنة
 
1) تغيير جذريّ في عمليّة التّربية
2- استعادة الثّقة بالنفس
3) المُجابهة والمُواجهة
4) تنمية طاقة الخلق الكامنة فيها
 
2- التحديات بكلّ أنواعها
نعيش في عصرٍ يُسميه البعض عصرَ صراع الثقافات، عصرَ ثقافة الارهاب في مواجهةِ ثقافةِ التعايش،  ثقافةِ الحرية في مواجهة ثقافة القهر و الاكراه، عصرَ صراعٍ بين الدولة الدينية التي تؤسِسُ على دين ما وتقهر ما عداه والدولة الديمقراطية التي تكفل مبدئيا جميع الاديان والافكار في تعايش وتعارف. وهذه الصراعات تُؤثِّر كثيرًا على المرأة، وتجعلُها منذ صغر سنها وحداثتها تعيش في اجواء الخوف والتخوّف وفي اجواءٍ انفعالية وردّات فعلٍ تسلُبُ الحرية وتَنفي الحوار  بجميع أنواعه إن مع الآخر أو مع الله.  فكيف يُمكنُها أن تساهمَ في صنع السلام ؟
 
وهذا الشُّعور بالخوف والدّونيّة هو التّحدّي الأكبر الّذي تواجهُه المرأة العربيّة تحديدًا، لأنه يتخزّن في لاوعيها ويؤثرُ على كل حياتِها وتصرفاتِها الواعية وغير الواعية. ولكي نستطيعَ معرفةَ كيفيّة مُواجهتِهِ، لا بُدّ من أن نتوقّفَ عند أبرز مُسبِّباته:
 
1) التّربية في مجتمع ذكوري بامتياز
تختلفُ تربيةُ الإناث عن تربية الذّكور في المُجتمعات العربية. فمُنذُ الحداثة تغيبُ كلمةُ العيب عن قاموس الطفل الذّكر الذي يحقُّ له "بأمور" لا يحقّ للطفلةِ الفتاةِ القيامَ بها، مثل التفوُّه بكلمات نابية، أو ضرب أمّه وأبيه تحبُّبًا...
وكُلّ هذا يُولِّدُ عقدًا ستتراكَمُ عند الفتاةِ وستَظهَرُ فيما بعد خوفًا وتخوُّفًا من ارتكاب العيبِ. وهذا الخوفُ سيشلُّ حركَتَها ويمتصُّ الكثيرَ من طاقاتِها الّتي تبقى دفينة.
 
 
2) العنف الجنسي
أظهرَت نتائجُ دراسةٍ أجراها أخيرًا المجلس الأعلى للمرأة في البحرين حول العنف ضد المرأة على عيّنة من 500 شخص 50% اناث 50% ذكور توزّ َعَتْ على جميع المحافظات، وأظهرت أن 95% يعترفون بتعرّضِ النساءِ للعُنف في المنزلِ والعملِ 80% يرونَ ان المشاكِلَ الجنسية هي السببُ الرئيسي لحالات العُنف ضدّ المرأة.
وتعتبر لفيف رضا صيداوي وهي كاتبة وباحثة اجتماعية أنّ " المرأة عموما والمرأة العربية خصوصًا وأيّا كانت انتماءاتُها الاجتماعيةُ أو العمرية أو المهنية او العملية، لا تزالُ رهينةَ وجودِها كجنسِ في ظلّ العلاقات الرمزية التي لا تزالُ لصالحِ الرجل".
 
3) جرائم الشرف
ذكَرَتْ بعضُ التقاريرِ أنّ نسبةَ النّساء اللّواتي قُتِلْن في جرائمِ الشّرف هي:
12 امرأة في بريطانيا في سنة 2002.
19 امرأة في الأردن في سنة 2004.
52 امرأة في فلسطين والضفة الغربية سنة 2005.
والواقع أنّ المجتمعاتِ العربية تتميّزُ بأعرافِها المتنوّعة والمُتباينة من حيث التّعامُلَ مع المرأة أو أنسنتَها. الاّ أنّ الهيمنة صارتْ لتلك الاعراف القديمة التي تُشوّهُ حقيقةَ الانسانية والتي لم تحسُب أن المرأةَ تماثِلُ الرجلَ بالآدميةِ والانسانيةِ بل جعلَتْ منها الاعراف مكمنَ الذلِّ والعار لا يسلَمُ شرفُ العائلة أو المجتمعِ الا بمواراتِها الجُدران او التراب. 
 
4) اللاعدالة واللاّمُساواة
بيَّنَت الدّراسات أنّ النّساءَ ولسوءِ الحظّ، ما زلْنَ يُشكّلن أقلّية في مواقعٍ اتّخاذِ القرار على المُستويات العالميّة والدّولية  والوطنيّة والمحلّية، وعلى الرُّغم من حقيقة أنّ النساء يُشكّلنَ أغلبية  الناخبين  في جميع أنحاء العالم.
لقد شَهدت خمسينيّات القرن الماضي شعورًا عارمًا بالإجحاف اللاّحق بالنّساء، ولكن التقدُّم  الذي تمّ إحرازه في العقود الأخيرة غير مُرضِ لنا جميعًا، فنسبة النّساء في مواقع اتّخاذ القرار لا تزيد عن العشرة بالمئة.
 
 
الرّجل إذاً هو في موقع القرار وهو من يتّخِذُ قراراتِ الحربِ والسلم، والمرأةُ بعيدة عنها.  فما الذي حصَل حتى الآن ؟ هل فشِلَ الرّجالُ إلى حدّ اليوم في إدارةِ شؤون السّلام في العالم ؟
بالطبع  فشلوا فالقوّةُ والسيفُ وحدهما الفاعلان اليوم في الكُرة الأرضية !
 
تحدّياتٌ كثيرة إذًا تُواجِهُ المرأة: سياسيّة، اجتماعيّة، ثقافيّة ونفسيّة ، هذا ناهيك عن اقصائها عن مواقع القرار والفقر والجهل والأمية وما إلى ذلك.
ولكن يبقى التّحدّي الأبرز حالةَ العنف المُمارس عليها نفسيًا وجسديًا، وكما ذكرنا سابقًا شعور الخوف والدونية المُتجذِّر في أعماقِ المرأة العربية. فهي ترضعُه مع الحليب ويُصبح جزءًا من كيانها.
 
وفي كل  مرحلةٍ من حياتِها يحضُرُ الخوفُ بكُلّ فعاليّتِهِ. فهناكَ خوفٌ على مُستقبلِ الأولاد، وهناك خوفٌ على أخلاقيات وقيم الأسرة(كذا) من انتهاكٍ يصيبها، من تَمرُّدِ ولدٍ هنا، أو بنت هناك،
والواقع أن مُحاربة هذا الشّعورِ والتّغلُّبِ عليه أمرٌ كفيلٌ بالإطاحةبكلّ أنواعِ التّحديّات الّتي تُواجِهُهَا المرأة العربية.
فما هو السبيل إلى التغلُّب على هذا الشّعور ؟
 
 
III الحلول المُمكنة
1) تغييرٌ جذريّ في عمليّة التّربية
التربيَةُ البيتيّةُ والمدرسيّة مُهمَّة جداً للقضاءِ على التّمييز ضدَّ المرأة فمنذُ الصِغَر يتربَّى الفردُ عليه وهذا أمر خطَر جدًا لأنَّه يزرَعُ التمييزُ في عقولِ الأفراد ونفوسهم إناثًا كانوا أمّ ذكورًا. وهذه التربيَةُ أهمُّ ضمانَةٍ لتكريس اللاتمييز ومنع التمييز وتعزيز المساواة والتكامُلِ على هذه القاعدَة. فالفرقُ البيولوجي لا يعني أنَّّ أحدًا أهمُّ مِنَ الآخر ولا إعلاءُ شأنِ طرفٍ والتقليلُ مِن قيمَةِ الطرف الآخَر وأهميته. فالخطوَةُ الأولى هيَ في التربيَة كَيّ تنظر المرأة إلى نفسها وتراها بخير وسلام.
وهذه النظرةُ هيَ أساسُ التعامل وأساس النجاح للوصول إلى السلامِ الحقيقي. فالجهدُ الأوَّل هو محاولَةُ اكتشاف العواطِفِ المكبلَة والعمل على معالجتِها وإلاَّ فمُستقبَلُ حياتِنا يبقى صورَةً لبرامِجَ ماضيَةٍ تُسجَّل في اللاوعي.يقول المثل : الاناء ينضحُ بما فيه. أوكما يقول العالِمْ هارتس:  
أنا لستُ بخير أنْتَ لسْتُ بخير
أنا بخير أنتَ بخير
 
ولكنَّ الموقفَ المتوقفَ على ذلِك هو أنا لستُ بخير أي أشعر بالدونيَّة  وبالحاجَة إلى المساندَة الدائِمَة. مما يُبقي المرأة على عيشِها حالَة الطفولَة وعدَم بلوغِها النضج. مِنَ المهمّ جدًا أنْ تقبَل ذاتَها وأنْ تعمَل جادًة في سبيلِ أحراز أكبر قدرٍ ممكِن مِن التحكُمّ في إدارة حياتها.
 
2- استعادة الثّقة بالنفس
ما ينتج عَن كلّ ما سبَق قلَّة الثقَة بالنفس وهيَ مِن أخطَرِ الأمور التي يُمكِن أنْ تُربّى المرأةُ عليها لأنَّ الشخصَ الّّذي لا يثِقُ بنفسِه لا يُمكنُه أنْ يعمَل للصُّلحِ ولا للمُصالحَة وبالأحرى لا يعمَلُ للسلام بل يتحوَّلَ إلى مُتسلّطٍ وعنيفٍ وإلى شخصٍ ضعيفٍ خاضعٍ ومقتنعٍ بالظلم.
وكَي تُغيّرَ الأشياءَ الجوهريَّةَ ولكَيّ لا تكتفي بالظواهِر أو المطالبَة بتعديلِ بعض القوانين، على المرأةِ أنْ تعيَ الظُّلمَ وانتهاك حقوقِها وأنْ تجِدَ هيَ بنفسِها البديلَ والأفق الذي تتجه نحوَه.
إنَّ أهمّ الحلول في تبديل أوضاعِ المرأة  أنْ تعي صورَتِها لذاتِها ودورها في نظَرِ عائِلتها والمجتمَع والدولة وخصوصًا في نظرِ نفسها مَع فهمِ ما تقدّم مِن معلومات تحرّرها وأن تتساءل: هَل هيَ مجرَّد كائِن يُلبّي رغبات الآخرين أو هيَ انسانٌ حرٌ له دور فعَّال في كلّ هذه الحياة ؟
 
3) المُجابهة والمُواجهة
على المرأة أنْ لا تتخلّى عَن حقوقها ولَو وُجِدَت في ظروف صعبَة تمنعها مِن العلم واحراز الثقافَة: يا نساءَ العالَم لا تقبَلنَ أنْ يُحرَم بناتكُنّ مِن العلمِ. إرْفِضْن واعطن البيانات لذلكَ وخصوصًا ضافرن الجهودَ الجماعيَّة وخصِّصنَ لكلّ أعمالكنَّ واجتماعاتكنّ ما من شأنه أن يساهَم في تغييرِ حالة الجهل عندَ الفتاة التي يُضحّي الأهل بتعليمها كَي تسهَر على اخوَتها أو كي تعمَل لإعالتهم. يا نساء العالم " اجمعن الأموال ولا تتوقّفن عن ذلك".
وقُلْنَ في أنفسكُنّ: "مادامَ يوجَد امرأة واحِِدَة دونَ علم وثقافَة فأنا لستُ بخَير. التربيَة والعلم والثقافَة أساس في تغيير النظرَة والصورَة وأساس في التقدّم نحوَ السلام.
 
4) تنمية طاقة الخلق الكامنة فيها
1) بإزاءِ القوّة البدنية، تكمُنُ قوّةُ الفكر. والمرأةُ مدعوّة إلى تنميةِ هذه القوّة وإلى إبرازِ طاقةِ الخلق الكامنة فيها. وهذه الطاقةُ ميزةٌ لا تُقدّر. إنّها رجاؤُنَا وحُرّيتُنَا. وهي التي تجعَلُ منّا أصحابَ معجزاتٍ في اختراعنا قدرتنا.
 
ولا ننسَ أنّ العلم بالمُطلق هو للمرأة كالنقش على كفّيها يسمَحُ لها بإدارةِ حياتِها وبأن تتفاعَلَ معها بحسبِ تفكيرها وأن تختار بحكمتِها وأن تكونَ لها سيادتُها الخاصّة. ومع العلم والثقافة العلاقة بالله وبيسوع المسيح
 
كيفَ تتصدّى المرأة المسيحيّة لهذه التحديات ؟
كي تُبيّن السّلام، على المرأة أن تقوم بخطواتٍ عمليَّة بناءَة.
ايُّها الاخوات، واضحٌ جدًا أن هناك رَبْطًا متينًا في فكرِ المسيح بين السّلام والصليبِ، بين السّلامِ والإيمانِ بشخص المسيح، بل أكثرُ من ذلك، يَربِطُ المسيحُ بين صُنعِ السّلامِ وعملِ المحبّةِ والخِدمَة. فإعطاءُ كأسِ ماءٍ باردٍ لعطشان، هو صنعُ سلام. ومعامَلَةُ الاولاد بالعدل هي صُنعُ سلام؛ ومُصالحةٌ يوميّة بين متخاصمين، هي صنع سلام وكُلّ أعمالِ المحبّة والخدمة والتضحية، هي صُنعُ سلامٍ.
وعليه يقولُ يسوع في العظِةِ على الجبل "طوبى لصانعي السّلام لأنَّهم أبناءَ اللّهِ يُدعَون".
 قد نصلي للسلام وكم أرغبُ بأن أكونَ صانِعَة سلامٍ! وأنا متأكّدٌة أنّنا كلَّنا هنا نَشعُرُ هكذا.
كيف نُصبِحُ "صَّناعَ"  ورسل سلام ؟
 
"سلامًا أتركُ لكم، سلامي أُعطيكم، ليس كما يُعطي العالمُ أعطيكُم أنا".  فيسوع  في إنجيل يوحنا يُميّزُ بين نوعين من السّلام؛ سلامُه هو  من جهة، وسلامُ العالم، أو بالأحرى "سلم" العالمِ من جهةٍ أُخرى. سلامي أعطيكم (أي سلام المسيح) ، وقد ذهب الربُّ إلى أبعد من ذلك، فتبرّأ من أي سلامٍ لا يأتي منه مهما كانَ مرغوبًا وجيدًا ومُفيدًا للدولةِ وللعملِ السياسي وللمجتمعِ والاقتصادِ الوطني، وحتّى للمواطن وأفراد العائلةِ الواحدة. فقالَ : "لا تظنّوا أني جئتُ لألقي سلامًا على الأرض. ما جئتُ لألقي سلامًا بل سيفًا. فإنّي جِئْتُُ لأُفرّق الإنسانَ ضدّ أبيه والإبنة ضدَّ أمّها والكنّة ضد حماتِها، وأعداءُ الإنسانِ أهلُ بيته". ومن لا يأخذُ صليبَه ويتبعُني فلا يستحقُّني ومن وجدَ حياته أضاعها" ومنَ أضاعَ حياته من أجلي يجدُها" في إنجيل متّى (10/34-39)
أسمعتُم هذا الكلام القاسي ؟ أعداءُ الإنسانِ أهلُ بيته. ويُمكِنُ للبيتِ الواحدِ أن يُحرَمَ السَّلامَ ولو لم يَكُن أهلُه في حربٍ مع بعضِهم البعض.
 
ثمّ يوضحُ المسيحُ ما يقصدُهُ تمامًا بهذا الكلام الجريء ويُحذّرنا قائلاً: "من أحبّ ابًا أو أمًّا أكثر منّي فلا يَستحقُّني. ومن أحبّ إبنةً أو إبنًا أكثر منّي فلا يستحقّني. ومن لا يأخذ صليبَه ويتبعُني فلا يستحقُّني".
ويُنهي كلامَهُ شارحًا لنا كيف نربَحُ حياتَنا لأجلِهِ قائلاً: "من سقى أحدَ هؤلاءِ الصغارِ كأس ماءٍ باردٍ فقط باسمِ تلميذٍ (ويقصِدُ تلميذًا له) فالحقّ أقولُ لكم أنّه لا يُضيّعُ أجرَه". (10/42).
 
(مُعسكر أسرى الحرب  قصّة سُجناء الحرب البريطانيين، وكيف تصالحوا مع سجانيهم
أحدُ هؤلاءِ السجناء أصبحَ لاحقًا قسّيسًا في كنيسةٍ إنجيليّة في اسكوتلندة، وقدّ شبَّهَ في إحدى عِظاتِه حياتَنا كمسيحيين هنا على الأرضِ بالأيامِ الثلاثة الأخيرة ... التي قضاها في ذلك المُعسكر. شيءٌ ما لم يتغيّرْ من الخارج، بيدَ أنّ قدرَتَهُ على التكيُّف مع العالمِ وصُنعِ سلامٍ فيه ترسّخَتْ وقويتْ واستمدَّتْ زخمًا لا مثيلَ له.) 
 
إذًا يا أخواتي صنعُ السلامِ يَبدأُ من الدّاخل، صنعُ السّلامِ يَنطلِقُ من الإيمانِ بالإنجيلِ، بالخبرِ السّارِ؛ أنّ الحربَ مع قواتِ الظُلمةِ والشرِّ والأذى قد انتهَتْ وغلَبَ المسيح. غلبَ المسيحُ العدو الأخيرَ للسّلامِ. غلبَ الموت. فأضحى كُلّ مَنْ كان حيًّا ويُؤمِنُ به على يقينٍ أنَّهُ لنْ يموتَ إلى الأبد.
 
عكسُ السّلامِ أيُّها الأخوات، إذًا هو الموتُ الأبدي، هو الابتعادُ الدّائم عن اللّه الذي أخلَى نفسَهُ بالمسيح يسوع. فليكُنْ فينا  من الافكار ما هو في المسيحِ يسوعَ أيضًا الذي أخلى نفسَهُ آخذًا صورةَ عبدٍ ووضَعَ نفسَهُ وأطاعَ حتّى الموت، موتِ الصليب.
مَنْ يظنُّ أنّه وجَدَ حياتَهُ في سلامِ العالمِ وسلمِهِ وتعايُشِهِ، يُضيّعُها، ومن أضاعَ حياتَهُ من أجلِ المسيحِ يَجِدُها ويُمكِنُهُ أن يُشارِكَ في صُنعِ سلامِ العالمِ الذي علينا بالطبع أن نُصلّيَ لأجله. (متّى 10/39).
 
" وحريٌّ بنا في كلّ مرّة  أن نتأكَّدَ من أنفُسِنا  عن أي سلامٍ نتكلّمُ ؟ عن سلامِ العالم، أم سلام المسيح للعالم ؟
 
سلامُ العالم، سلامُ الدّول الكُبرى والقويّة، قد يأتي.. وسيأتي.
ولكنّه سلامٌ مفروضٌ، سلامٌ جَبْريّ. أمّا سلامُ يسوعَ فسلامٌ طوعيّ.. هو سلامُ الأحرار، نحن  نختارُ أو لا نختارُ هذا المسار، وطوبى لنا إن اخترنا السّلامَ الذي أتى من عندِ اللّه. لأنه يقول لنا : لا تضطرِبْ قلوبُكم  ولا ترهبُوا لأنّ المحبّة قد انسكبَت فيها إلى الأبد، والأمان على الدّوام.
أمّا إن صَلّيْنا لأجلِ سلامِ العالمِ وانتظرناه فلسنا في أمانٍ رُغم أهمّيتهِ وضروريّتِهِ ورغمَ أنّه قد يأتي قريبًا لأنّه سلامٌ أرضيّ، يأتي ويَذهَبُ، يُعطى ويُؤخَذ حتّى يشاءُ أربابُ العالم.
أمّأ ربُّ الأرباب فقد غَلَبَ العالمَ وأربابَهُ بالمحبّة.
هو للسّلامِ وهمُ للحربِ. فليَكُنْ لنا في المسيحِ السّلام.
 
4) تصبِحُ المرأة رسولةَ سلام إذا قامَتْ بهذه الصلاة لختامِ اليوم
 
كُلُّ يومٍ من أيّام حياتِنا هو بمثابَة صفحَة مِنَ الإنجيل تَسطَعُ منها البُشرى السارة. فاللهُ، من خلاله، يتجلّى لي ويتكلَّم معي. وأنا مدعوٌ للتنبُّه إلى حضورِه. ومِن أجل ذلِكَ يدعو مار اغناطيوس إلى ما نُسمّيه اليوم "صلاةَ العهد"، وهيَ صلاةٌ خاصَة بنهايَة اليوم، أعيدُ فيها تقييمَ يومي بحضور الله وتحتَ نظره الأبويّ المليء بالمحبَّة والعنايَة، وهيَ تُقامُ في المساءِ ولا تستلزِمُ وقتًا طويلاً بل 15 دقيقَة كحدّ أقصى.
 
ومِن المُهمّ أنْ نعرفَ أنَّ هذه الصلاة ليسَت :
- سردًا تاريخيًّا أو زمنيًّا أو تقريرًا مفصلاً عَن الأحداث الّّتي مرَّت في ألبوم.
- تقييمًا أخلاقيًا لما عشته أو لما قدّم لي لأعيشه.
- مُناقشَة عقيمَة حول اليوم المُنصرم أقوم بها مَع نفسي.
إنَّما هذه الصلاة هي :
- قبلَ كلّ شيء حديث مَع الله عَن يومي المُنصرم. والله يدخُل ليُشكلَّ العُنصرَ الثالث في مثَّلَث : أنا، الأحداث، الله.                                الله
      
                                    أنا            الحدث
ففي قلبِ تاريخنا الّّذي هو تاريخٌ مقدَّس، نحنُ نتوجَّهُ إلى الله لكَي ننبهِرَ بحضورِه الّذي لا نشعرُ به في أحيان كثيرة (الله كانَ هنا ولَم أعرف، قالَ يعقوب) ولكَي نكتشفَ غُفرانه الّّذي ينتظرُنا، أو لنطلبَ منه المعونَة ولكَي نضَعَ بينَ يديه مشاريعَنا ورغباتِنا المستقبليَّة.
 
طريقَة عيش هذه الصلاة
تُُخصّصُ في كلّ مساء 10 دقائق أو 15 دقيقَة للقيام بالتمرين التّالي :
 
1-  أضعُ نفسي بين يديّ اللّه وأُقدّمُها له بكلّ ما فيها من أفراحٍ وأحزان، من حسنات وسيّئات: مشاريع، أفراح، خيبات أمل، ثورة، عصبيّة... (يُمكنني أن أقوم بحركات جسديّة إذا كان ذلك يُساعدُني) والمهمّ أن أُظهِرَ طواعيّة داخليّة لحضورِ اللّه الذي يتقدّمني.
 
2- مِنْك إليّ: شُكرا
أترك "أضواء: نهاري تحضّر أمامَ عينيّ، أيّ كلّ ما سمَحَ لي الربّ بعيشه: لقاء، كلمة، حركة، ابتسامة... وأشكرُ الربّ عليها، أي أقول له شُكرًا على كلّ الخيرات والعطايا التي منحنتي إيّاها، وعلى كلّ الخير الذي كُنت شاهدًا عليه. وشيئًا فشيئًا، يومًا بعد يوم، ستُصبح الاشياء المُحيطة بي، وكُلّ الأحداث علامات لحضور اللّه في حياتي وفي حياة الآخرين.
وسأتوصّل إلى التنبُّه أنّني كُلّما شَكَرتُ، كلّما تنبَّهتُ إلى مئة سبب وسبب تجعلني أشكر الربّ أكثر وأكثر. وستُصبح الحياة اكثر حيويّة وجمالاً.
 
3- مِنّي إليك: عفوا
هذا النور الذي سلّطه اللّه على حياتي، سيمسَح لي رؤية ظلال هذه الحياة، وكُلّ اللحظات التي رفضتُ فيها محبّته. وسأكتشف يومًا بعد يوم، أنّ رفضي يتّخِذ دائمًا الشكل عينه.. وهنا يجب عليَّ ألاّ ألُوم نفسي قائلاً: "لماذا وقَعْتُ في الأمر نفسه ؟". بل عليّ أن أقول: "حسنًا، ربّما ذلك لصالحي".
بمعنى أنّ الخلل الذي ينبغي عليّ أن أُعالجه سيتوّضح تمامًا بالنسبّة لي، وسأكتشف نعمة أن اُدرِك نُقطة من هنا لا مكان للحُزن وللتشاؤم، بل للسير قُدُمًا مع مُحاولة عدم الوقوع في الفخ نفسه مرارًا وتكرارًا.
 
4- من فضلك: أنْتَ وأنا غدًا.
هنا يجب أن أضَع غدي بين يديّ اللّه وأن أُسلّمه إيّاه بكلّ ثقة. عندما أفعل ذلك سيتولّد أملّ حار في أعماقي وأيضًا مخاوف وشكوك. لذا من المُهمّ أن أُحدّثه عنها، أن أطلُب منه مُساعدتي في إنجاح هذا اللقاء أو تلك الزيارة. ومن المُهمّ أن أتأكّد أنّه سيكون هنا، حاضرًا من أجلي كما كان دائمًا حتّى الآن. آمين.