أرادَ رَجلٌ في مَملَكةٍ بَعيدَة أن يُشاهدَ مُرورَ المَوكِبِ السّنَوي للمَلِك، قبلَ أن يُفارِقَ الحَياة. فاصطَحَبهُ ابنُه مِن قَريَته البَعيدَة لمُشاهَدَة هَذا الحَدث. وعِندَ اقتِرابِهما مِن أسوارِ المَدينَة، سَمِعا صُراخاً وهُتافاً وجَلبَة عالية. ولمّا استوضََحا الأمر، قِيلَ لهُما أن مَوكِبَ المَلك يَمرُّ الآن.

فَطَلبَ الإبنُ مِن أبيه حَثَّ الخُطى كي لا يُفوّتا المَوكِب. لكنّ الأب تَسَمّر في مَكانِه، من شِدّة التَعَب، وقد تَملََّكَه اليَأسُ. فما كَان من الإبنِ إلاّ أن أسرَعَ وحَمَل وَالدَه على كَتفيَه، وانطَلقَ راكِضاً في اتجاهِ مَوقِع تَجمهُرِ النَاس. وما أن وَصَلا، حتى كانَ المَلكُ يَمرُّ في مَوكِبه مَع حاشيته.

لحَظاتٌٌ مَرَّت، وشَعَرَ الإبنُ بَقطَرات مَاء تتساقط عليه. كانت دُموعُ والِدِه.

حَزِن كثيراً لبُكاء والدِه، وسَأله: "لِمَ البُكاءُ يا أبي؟ ألمْ تَرَ المَلكَ جيّدا؟".

فأجابَهُ الأبُ: "ليَس هذا ما يُبكيِني يا وَلدي. أبكي لأنني تَذكّرتُ أنني حَمَلتُ أنا أيضاً وَالدِي، في هذا المَكانِ تَحديداً، ليُشاهِدَ بدَورِه مَوكِبَ المَلِك!"