يُحْكَى عَن رَجُلٍ بَخيلٍ لِلغايَةِ وَكَثيرِ الطَّمَع، عاشَ وَحيدًا وَلَم يَكُنْ لَدَيهِ إِلاّ صَديقٌ واحِدٌ يَحتَمِلُ طَبعَهُ لأَنَّهُ اعتادَ عَلَيهِ مِنَ الصِّغَر.

            في أَحَدِ الأَيّام، عادَ البَخيلُ مِن سَفَرٍ بَعيدٍ جَنَى مِنهُ 30 ليرَةٍ ذَهَبِيَّة. وَكانَ مُتعَبًا وَجائِعًا لِلغايَة. فَلَما وَصَلَ إلى بَيتِ رَفيقِه، رَبَطَ حِمارَهُ وَدَخَلَ لِيَأكُلَ وَيَستَريح. وَمِن بَعد ما شَبِع، تَرَكَ مَكانَهُ بِسُرعَة، وَرَكَضَ إلى الخارِجِ وَهُوَ يَصرُخُ وَيَقول: «نْسِيت كيس مِصرياتي عَ ضَهْر الحْمار»! فَفَتَّشَ عَنهُ في المَكانِ الّذي وَضَعَهُ فيهِ وَلَكِن دونَ جَدْوَى! فَجُنَّ جُنونُهُ وَعادَ إلى بَيتِهِ مُنْهارًا.

في اليَومِ التّالي، وَجَدَتْ إِبنَةُ رفيقهِ وَهِيَ تَلعَبُ في الحَديقَةِ كيسَ المال. فَهَروَلَتْ إلى أَبيها وَهِيَ تَقول: «بَيّي صِرْنا أَغنِيا، لَيك شو لْقيت!» لَكِنَّ الوالِدَ عَلِمَ للحالِ أنه كيسُ صَديقِه... فَحَمَلَهُ وركَضَ مُسرِعاً إلى بيتِ رفيقِه وَأَعطاهُ إِيّاه! إِنَّما الرَّفيقُ الطَّمّاع، لما فتَحَ كيسَ المال، راح يَصرُخُ وَيَقول: «بِالكيسِ كان في 40 ليرَة دَهَب مش 30!» وَتَوَجَّهَ إلى القاضِي لِيَشتَكيَ على الأَبِ وَابنَتِهِ وَيَتَّهِمَهُما بِسَرِقَةِ 10 ليراتٍ مِن الكيسِ.

            أقسَمَ الأَبُ وَابنَتُهُ أمامَ القاضي أَنَّهُما لم يَمُسّا مُحتَوَياتِ الكيس. لَكِنّ الرَّجُلَ الطَّماعَ ظَلَّ مُصِرًّا على قولهِ. القاضي، الّذي صَدَّقَ الأَبَ وَابنَتَهُ، أَرادَ أَن يُعَلِّمَ البَخيلَ وَالكاذِبَ وَالجَشِعَ دَرسًا لَن يَنْساه، فَقالَ لَه: «أَنا أَكيدٌ أَنَّ الكيسَ الّذي وَجَدَتهُ الفَتاةُ، لَيسَ الّذي أَضعْتَهُ، لِذا سَآمُرُ بِالبَحثِ عن كيسٍ فيهِ 40 ليرَةً ذَهَبِيَّةً لأُسَلِّمكَ إِيّاه»، وَحَكَم َلِلبِنتِ وَأَبيْها بأَن يَحتَفِظا بِاللّيراتِ الذَّهَبِيَّة الثّلاثين!

Attachment