لِمَ يَتَغَيّرْ تاريخُ العيد؟
يَخضَعُ تاريخُ عيد الفِصح لِتَقويمَين:
التَّقويم الغربي
أَو الغريغورِيّ نِسبَةً إلى البابا غريغوريوس الثّالِث عَشَر، الّذي وَضَعَ هَذا التَّقويمَ عام 1582م. حَيث أَنَّهُ لاحَظَ وُجودَ فَرقٍ في مَوعِدِ الاعْتِدال الرَّبيعِيّ (تَساوي اللَّيل وَالنَّهار) وَأَنَّهُ لَم يَعُدْ يَأتي في 21 آذار فَجَمَع عُلَماءَ الفَلَكَ وَطَلَبَ مِنهُم إِعادَةَ الحِسابات. فَوَجَدوا أَنَّ السَّنَةَ الشَّمسِيَّة هِيَ 365 يَومًا وَ5 ساعاتٍ وَ 48 دَقيقَةً و46 ثانِيّةً. أَي أَنَّ هُناكَ فَرقًاً حَوالي 11 دَقيقَة وَ14 ثانِيَة عَن التَّقويمِ اليولياني الّذي كانوا يَتَّبِعونَه. فَأَمرَ بِجَمعِ هَذِهِ الفُروقات مُنذُ مَجمَعِ نيقِيَّة عام 325م وَحَتّى ذَلِكَ الوَقت فَكانَتْ 10 أَيّام (الفَرق الآنَ بَينَ التَّقوِيمَين أَصبَحَ 13 يَومًا) وَتَمَّتْ إِضافَةُ هَذِهِ الأَيّام العَشرَة على التَّقويم... وَفي ذَلِكَ الوَقت كانَتِ الإمبراطورِيّةُ الرّومانِيَّة مُنقَسِمَة، فاتَّبَعَ الغَربُ الّذي كانَ تَحتَ سَيطَرَة روما هَذا التَّقويم الجَديد. بَينَما رَفَضَ العالَمُ الشَّرقِيّ الّذي كانَ تَحتَ سَيطَرَة القِسطنطينِيَّة إِتّباعَ هذا التَّقويمِ وَبَقِيَ على التَّقويمِ القَديم.
بِالتّالي كَيفَ يَتِمُّ حِسابُ مَوعِدِ عيدِ الفِصح؟ يُعَيِّدُ كُلُّ المَسيحِيّين عيدَ الفِصح في الأَحَدِ الأَوّلِ الّذي يَلي بَدرَ الرَّبيع... أَي بَعدَ 21 آذار مَوعِدِ بَدء فَصْل الرَّبيع... وَالمُشكِلَةُ أَنَّهُ هُناكَ فَرق 13 يَومًا بَينَ التَّقويمَين الغَربِيّ وَالشَّرقِيّ، فَعِندَما نَكونُ في 21 آذار (حَسَب التَّقويم الغَربِيّ) نَكونُ في 8 آذار حَسَب التَّقويم الشَّرقِيّ. وَهَكَذا بِالنِّسبَةِ لِتَوقيتِنا الحالي يَكونُ العيدُ دائِمًا بَينَ 22 آذار و25 نيسان عِندَ الطّوائِف الغَربِيَّة. وَبَينَ 4 نيسان و8 أَيّار عِندَ الطَّوائِف الشَّرقِيَّة.
التَّقويم الشَّرقي
أَو اليولياني نِسبَةً إلى يوليوس قَيصَر الّذي وَضَعَ هَذا التَّقويم عام 46 - 47 قَبلَ الميلاد. حَيثُ اعتَبَرَ أَنَّ السَّنَةَ تَتَأَلَّفُ مِن 365 يَومًا وَرُبع، وَتَمَّ جَمعُ الأَرباع كُلَّ 4 سَنَواتٍ لِتُشَكِّلَ يَومًا يُضافُ لِشَهرِ شباط (وَتُسَمّى تِلكَ السَّنَة الّتي يَكونُ فيها شباط 29 يَومًا بِالكَبيسَة). وَقَد مَشَى كُلُّ العالمِ في ذَلِكَ الوَقت على هَذا التَّقويم.
ما مَعْنَى كَلِمَةُ فِصح؟
لَفظ «فِصح» مَنقول عَن كَلِمَة «Pascha»، بِاليونانِيَّة، المُشتَقَّة مِن «فسحا» بِالآرامِيَّة، وَ«فيساح» بِالعِبرِيَّةِ وَمَعْناها العُبور... وَعِندَ اليَهود الفِصحُ هُوَ تَذكارُ الخُروجِ وَالعُبورِ مِن أَرضِ العُبودِيَّة وَالظُّلُم إلى أَرضِ الحُرِّيَّة وَالإنْطِلاق... أَمّا عِندَنا نَحنُ أَبناءَ الرَّجاء، فَالفِصح ُهُوَ تَذكارُ قِيامَةِ الربِّ يَسوعَ وَعُبورِه وَعُبورِنا مَعَهُ مِن المَوتِ إلى الحَياة...
ما عَلاقَةُ الأَرنَب بِعيدِ الفِصح؟
ِلنَفهَمَ رَمزِيَّة أَرنَبِ عيد الفِصح، يَجِبُ عَلَينا بِالطَّبعِ التَّحَدُّثُ عَن رَمزِيَّةِ البَيض: وَالمَعروفُ أَنَّ عادَةَ تَوزيعِ البَيضِ في الفِصح ِلَم تَظهَرْ حَتّى وَقتٍ مُتَأَخِّرٍ جِدًّا. وَحَتّى الآنَ لا يُمكِن لأَحَدٍ أَن يَتَّفِقَ على أَصلِ هَذِهِ العادَةِ وَمَعْناها الدَّقيق. لَكِن الأَكيدَ أَنَّهُ في العُصورِ الوِسطَى، وَجَدَ المَسيحِيّون أَنَّ البَيضَةَ هِيَ رَمزٌ مِثالِيٌّ لِقِيامَةِ المَسيح: فَيَسوعُ خَرَجَ مِن قَبرِهِ كَما يَخرُجُ الفِرخُ مِنَ البَيضَة. ثُمّ، بَدَأوا بِصَبغِ البَيض، بِاللَّونِ الأَحمَرِ رَمزًا لِلدِّماءِ الّتي سالَتْ مِن يَسوعَ على الصَّليب.
وَالأرانِبُ، كانَتْ دائِمًا رَمزًا لِلحُبِّ وَالخُصوبَة، وَخاصَّةً بِسَبَبِ العَدَدِ الكَبيرِ مِن الجِراءِ الّتي يُمكِنُ لِلأُمِّ الأَرنَب أَن تَلِدَها. وَبِالنِّسبَةِ لِليونانِيّين القُدَماء، كانَ تَقديمُ أَرنَبٍ هَدِيّةً لأَحَدِهِم، وَسيلَةً لإِعلانِ المَشاعِر الخاصّة لِهَذا الشَّخص (اليَومُ صارَتْ باقات الوُرود أَكثَر نَجاحًا!!!). وَفي وَقتٍ لاحِق، وَبِسَبَبِ رَمزِيَّة الخُصوبَة، وَبِالتّالي الحَياة، ارتَبَطَ الأَرنَبُ بِعيدِ الفِصح، لِدَرَجَةِ أَنَّ بَعضَ الدُّوَلِ وَصَلَتْ إلى اختِراعِ شَخصِيَّةِ أَرنَبٍ يُوَزّعُ البَيضَ في عيدِ الفِصح على غِرارِ بابا نويل الّذي يُوَزِّعُ الهَدايا في الميلاد!
لِمَ الكَعكُ
وَالمَعْمول؟
إِنَّ عادَةَ صُنعِ الكَعْكِ المَنقوشِ وَالمَعمولِ هِيَ عادَةٌ شَرقِيَّة قَديمَة، تَوارَثناها عَن أَجدادِنا وَلَها مَعنًى كَبيرٌ لَدَى المَسيحِيّين الشَّرقِيّين الّذين يَعتَبِرونَ أَنَّهُم لم يُعَيِّدوا إِذا لم يَعملوا كَعكَ العيد... وَهُم يُرَدِّدون عِندَ صُنعِ كَعْكِ العيد: «عَجَنتَك وَتعِبِت فيك حَتّى المَسيحُ يبارِكَ فيك»...
وَتُشيرُ التَّقاليدُ إلى أَنَّ الكَعك َالمَنقوشَ يُشيرُ إلى إِكليلِ الشَّوك. أَمّا المَعمولُ بِشَكلِهِ الهَرَمِيّ وَالمُستَدير، فَهُوَ يُشيرُ إلى الإسفنجَةِ الّتي غَمَسَها أَعداءُ المَسيح بِالخَلِّ وَأَعطوها لَهُ على الصَّليب. أَمّا حَشوَةُ الكَعك وَالمَعمول، فَتُشيرُ إلى أَنَّ ما وَراءَ آلامِ المَسيح الّتي قاساها على الصَّليبِ حَلاوَةَ الفِداءِ وَالخَلاص.
- 2293 views