جَرتِ العادَةُ في بِلادِنا الشَّرقيّةِ أنْ يَحتَفِلَ المَسيحيّونَ بعيدِ القِدّيسَةِ بَربارَة بِكُلِّ غِبطَةٍ وفَرح، فيَأكُلونَ بهَذهِ المُناسبَةِ العَديدَ مِن أصنافِ الحَلويّاتِ ولاسِيَّما القَمحَ المَسلوق... وفي بَعضِ البُلدانِ، مِثلَ سوريا ولُبنان، يَتجوَّلُ الأطفالُ بأزياءٍ تَنكُريَّةٍ مُضحِكَةٍ، فما هُوَ أصلُ هذا العيد وما هِي عاداتُه ورموزُهُ؟
ما هُوَ وكيفَ نَحتفِلُ بهِ؟
¯ هُوَ عيدُ الفتاةِ الوَثنيَّةِ الَّتي كانَت تتَسِّمُ بجمالٍ فائِق والَّتي جُلِدَت حتّى سالَت الدِّماءُ مِنها لِمُجرَّد اعتِناقِها المَسيحيَّة، والَّتي هَربَت مِن مكانٍ إلى آخَر، مُختَبئَةً في حقلٍ للقمحِ، مُغيّرَةً بعضَ ملامِحِ وجهِهَا هَربًا مِن والِدها، الحاكِم الوثَنيّ الَّذي كانَ يُريدُها أن ترتَدّ عن المَسيحيّة.
¯ يُحتَفلُ بعيدِ البَربارَة في 4 كانون الأوَّل، حيثُ يَجتَهِدُ كُلُّ ولَدٍ في إخفاءِ نَفسهِ عَن أصدِقائِه مِن خِلالِ ارتِدائِهِ زِيًّا تَنكُرِيًّا مِن اختيارِهِ كي لا يَعرِفَهُ أحَد. وفي هَذهِ اللَّيلَة يَخرجُ الأولادُ ويطوفونَ على منازِلِ جيرانِهم وأقارِبهِم، مُردِّدينَ أُغنيَةَ «هاشلة بربارَة»، ويتنافَسونَ على جَمعِ أكبرِ مبلَغٍ مُمكنٍ مِنَ المال والحلوى.
¯ هذه الأزياء التّنكُريَّةٍ المُضحِكَةٍ تحمِلُ مَعنىً هامًّا هُوَ الإستِهزاءُ والسُّخريَةُ مِن عِبادَة الأَصنام. ويرمزُ التَّنكُّر أيضًا إلى النُّورِ الَّذي لفَّ القدّيسَةَ عندَما أمَرَ الحاكِمُ بأن تَمشيَ بينَ الحُشودِ عاريَةً للسُّخريَة مِنها.
¯ وبالتّالي الأزياءٌ التَّنكُريَّةٌ المُخيفَة، والملابِس المُغطّاة بالدِّماء و غير المُحتِشِمَة، لا تمتُّ إلى تُراثِنا وعاداتِنا بِصِلَة. فهي عاداتٌ وثَنيّةٌ سيئَة دخيلة إلى مُجتَمعِنا المَسيحيّ .
المأكولاتُ الَّتي تُصنَعُ في هَذا اليَوم
القمحُ المَسلوقُ معَ مُنكِّهاتٍ مثلَ اليانسون والقِرفة والسُّكَرِ الخَفيف وحبَّاتِ الجَوز. ويرمُزُ القمحُ المَسلوقُ إلى الإبتِهاجِ والفَرحِ بانتِصارِ هذهِ القدّيسة. ويُذكِّرُنا أيضًا بحِكاياتِ الجَدّاتِ حولَ هَرَبِ القدّيسَةِ بربارَة مِن والِدِها الطَّاغيَة والاحتِماءِ بينَ حقولِ القمحِ الَّتي نَمَت لتُخبِئَّها عَن عيونِهِ... إضافَةً إلى ذلِك، فإنَّ حبَّةَ القمحِ لا تُثمِرُ ولا تأتي بسُنبُلةٍ إلا إذا ماتَت. هَكذا الشَّهيداتُ والشُّهداء القِدّيسونَ باستِشهادِهِم وقَبولِهم المَوت ورَفضِهِم نُكرانَ المَسيحِ إنَّما أعطَوا بِعمَلِهِم هَذا نُموًّا للإيمانِ المَسيحيّ، وبِغزارةٍ، كَحبَّةِ القَمحِ الَّتي إن ماتَت فقَط تأتي بثَمرٍ كَثير.
القَطايفُ المَحشُوَّةُ بالقشطَةِ أو الجوزِ والمُغمَّسَةُ بالقَطر، ولِهَذهِ الحَلوى دلالَةٌ دينيَّةٌ قَديمَةٌ، فَهيَ تُشيرُ إلى جَسدِ القِدّيسَةِ الَّذي تناثَرَ أشلاءً بينَ الدِّماءِ كما تَفعلُ القطايِفُ عندَ رميها في الزَّيت.
وبالتّالي في هذا العيد علينا أن:
¯ نُركِّزَ على سيرةِ الشَّهيدَة بَربارَة وعلى فِكرةِ أن نكونَ شُهودًا وإن لَم نَكُن جَميعًا مَدعوّينَ إلى الإستِشهاد!
¯ نتنَكّر بِما لا يَتعارَضُ معَ معنى العيد ونُقيمُ مُسابقاتٍ حولَ اللّباسِ الأجمَل باستِبعادِ الأزياءِ الّتي تَرمزُ إلى المَوت!
¯ نستبدلَ الهَدايا الماديَّة بِهدايا نجمعُها لصالِحِ مَن هُم أكثَر فَقرًا في زمنِ الميلاد!
- 3670 views