الاخت ايمانويل
الراهبة الفرنسية البلجيكية الاخت ايمانويل التي توفيت الاثنين عن 99 عاما، عرفت بجرأتها وثورتها من اجل الاكثر فقرا لا سيم الزبالين في القاهرة والمشردين في فرنسا.


 

ويتذكر الفرنسيون جيدا تلك المرأة الصغيرة التي كانت تظهر باستمرار على شاشات التلفزة لتدافع عن قضايا الفقراء وقد بدت عليها بوضوح آثار التقدم في السن من دون ان تخبو نظرتها الثاقبة وراء النظارات السميكة.

في كل لقاءاتها مع قادة هذا العالم وعبر وسائل الاعلام، لم تتوقف عن العمل من اجل جمع اموال وبناء مساكن وقاعات مدارس ومستوصفات...


وفي كتاب لها صدر اخيرا بعنوان "عمري مئة سنة واود ان اقول لكم.."، وهو على شكل مقابلات، اثبتت انها لم تفقد شيئا من حيويتها والجرأة في التعبير.


وتقول الراهبة التي كانت ستبلغ المئة في 16 تشرين الثاني المقبل في الكتاب، انها "ليست قديسة". وتصف نفسها بانها "حقودة" و"سريعة الغضب" و"تميل الى الدفاع عن حقوق المرأة".


في كل لقاءاتها مع قادة هذا العالم وعبر وسائل الاعلام، لم تتوقف عن العمل من اجل جمع اموال وبناء مساكن وقاعات مدارس ومستوصفات...


في سن السادسة وقبيل اندلاع الحرب العالمية الاولى، شهدت غرق والدها في بحر الشمال ما ترك فيها اثرا بالغا، وورثت في شبابها مصنعا للدانتيلا في كاليه وانغمست في نمط الحياة في تلك الفترة، فكانت تزور باريس باستمرار وترقص وتتسلى..


في العاشر من ايار 1931، في الثالثة والعشرين، تخلت تلك البورجوازية الشابة عن الحياة الهانئة ودخلت رهبنة السيدة في سيون.


واخذت لنفسها اسم ايمانويل، وذهبت الى تركيا حيث مارست تعليم الادب الفرنسي وحيث مرت "بفترة من الشك" لدى مواجهتها مثقفين لامعين يهود او مسلمين.


وتخطت الراهبة الشابة "خوفها من ان تكون بنت حياتها على وهم", كما تقول.


واحتفظت باحترام عميق لليهودية والاسلام. ومارست التدريس في مدرسة ترتادها فتيات من البورجوازية كانت تصطحبهن للقيام بتحقيقات اجتماعية في الاحياء الفقيرة.


ثم واصلت مهنتها كمعلمة في تونس ومصر, البلد الذي "اغرمت به من النظرة الاولى"، على حد تعبيرها.


في 1971، حصلت الاخت ايمانويل وكانت في الثانية والستين على الضوء الاخضر من رهبنتها لتنفذ حلمها الاكبر وهو العيش بين الاكثر فقرا. فاستقرت في كوخ في عزبة النخل في القاهرة حيث يعيش الزبالون.


واسست في 1980 جمعية "اسماء" التي قالت انها "علمانية وغير سياسية" وانضم اليها في ما بعد "اصدقاء الاخت ايمانويل". وبات اسم الجمعية "اسماء-الاخت ايمانويل" ولا تزال تنشط في مصر والسودان والسنغال وهايتي وبوركينا فاسو والبرازيل.


استدعتها الرهبنة عندما اصبحت في الخامسة والثمانين في 1993 لتعود الى فرنسا، بينما كانت ترغب بان تموت في القاهرة. فاستجابت، انما لم تتوقف عن الدفاع عن البلدان الفقيرة والمشردين.


في الفترة الاخيرة، كانت تتنقل في كرسي متحرك، وتنتظر الموت في دير تابع لرهبنتها في كاليان، "كلقاء بين ولد ووالده".


واقرت في المقابل انها "تخشى الالم"، معبرة عن املها بان تذهب الى الله "كالصاروخ".