"يا لبنان دَخل ترابَك"!!
صَدحَ صَوتُ صَباح عاليّاً من رَاديو السيّارة يُكرِّرُ هذِهِ العِبارَة على مَسامِعِ كريم. وَمَع أنّها لم تَكُنْ المَرّةُ الأولى الّتي يُصغِي فيها  إلى هَذِه الأغنيَة، إلاّ أنّ كَلماتِها إستَوقَفتْه اليَوم. فَنَظرَ من الشّباك ليُطالِعَهُ مَشهدُ التّربة عَن يَمينهِ ويَسارِه. هُنا لَونهُا أسود وهُناكَ أحمَر. هُنا مَزروعَةً قَمحاً وهُناك مَوزاً. هُنا عَليها شجرٌ وهُناك بُيوت وبِنايات... نَعَم إنّها التُّربَةُ الموجودَةُ في حَياتِنا بألوان وأشكال  مُختَلِفة من دون أن نَنْتَبِه أحياناً كَثيرة لها.
الأمر غَريبٌ بالفِعل! و يَدفَع الى طَرحِ الكَثيرِ من الأسئِلَة:
ما هِيَ هَذه التُّربَة؟ أتَستَحِقُّ أن نَتَغنَّى بها ؟ هَلْ هي مُهمِّةٌ إلى هَذه الدّرَجَة؟ لماذا ؟
ما هو دَورُها في حَياةِ الإنسانِ والوَطَن و الخَلْقِ؟ وماذا إذا زالَ هذا الدّور؟
وكيفَ نَحمِيها ؟

ما هي التّربة ؟
.   “ هيَ التُّراب الّذي نَراهُ في الحُقولِ والبَراري والغابات”. (سهى- البوشرية).
.  “ هيهيَ ما نغرسُ فيهِ البِذار لتُعْطينا ثِماراً طيّبة”. (مايا- الحدث/مارون غصوب - عين الخروبة).
.  “هي الّتي تمنحُ الحياةَ لكلّ ما هو مَوجود على الأرض”. (إليان- عين نجم).

نعم هذه هي التّربة. ويعرّفها المعجم كما يلي:
- هيَ الجُّزءُ من الأرضِ الّذي يَتنَاوَلُه المِحراثُ وتنمو معهُ المَزرُوعات.
أمّا عِلْمُ التّربة فيقُولُ فيها :
هي الطّبقةُ الأرضيَّةُ الّتي تَتَفاعَلُ فيها كلُّ عناصِرِ الطَّبيعة: الهَواء والمَاء والنّور. ومِنْ دُونِ هذا التّفاعُل لا حياةَ على وَجهِ الأرض.
فما هو المَقصودُ بهذهِ العِبارَةِ الأخيرَة؟
وما هُوَ دورُ التُّربَة في الحَياةَ على وَجْهِ الأرض؟

التّربَةُ: أيَّةُ أَهَميّة وفائِدَة ؟
. “ نَعتَمِدُ عليها في إنتاجِ المأكُولات والغِذاء...” (مارون- البوشرية/تانيا الجميّل - عين الخروبة ).
.  “هيَ الرَّكيزةُ الّتي نَبْني عَليها بُيوتَنا”. (الياس- الحدث).
. ”تمدُّنا بالفواكه والخُضار الّلذيذة”. (الين- بكفيا/ريتا ابي شبل -عين الخروبة ).
. ”تُخَزِّنُ المياهَ في جَوفِها لتَروِيَ النّباتاتَ ولِتَمدّنا بمياه الشّفة”. (ناتالي- عين نجم).
. ” تتخذُ مِنها بعضُ الحيوانات مثل النّمل مَلجًأ وملاذاً”. (كارل- السيوفي).

للتُّربة إذاً أهميّةٌ كُبرَى وفَوائِدُ كَثيرَةٌ. بَعضُها نُدرِكُهُ ونَلمسهُ لذا ذكرَهُ أصدِقاؤنا وبَعضُها الآخر قد يُخفَى عَلينَا. فما هو؟