التّعامل مع الولد العنيف
طَرَحَ أحد المعلّمين هذا السُّؤال:
»كيف يجب أن نتعامل مع الولد العنيف ؟«
"كاتا" تُجيب انطلاقًا من وجهة نظر علم النّفس ومجلّة
رُؤية ما هو خلف العنف
على المُعلّم بدايةً أن يُدرِك أن المُراهقَ يخفي خلفَ العنف الذي يظهرُهُ، ألمًا كبيرًا.
والصُّعوبة القصوى تكمنُ في سبرِ هذا الألم.
فَعُنف الولد يجعَل المُعلّم متأهبًا ومدافعًا. وهذا ما يمنعُهُ من التقرّب من الولد لملاقاة معاناته.
التحلّي بالرّقة والعذوبة
قال دون بوسكو: »ليسَ توجيه الضربات هو الذي يَبني الصداقات، إنّما الرّقة والعذوبة«.
لذلك من المُهمّ أن يأخذ المُعلّم جرعة من هذا الدّواء، ليتمَكَّن من مداواة جرح المُراهق.
العذوبة هي هذه القوّة المسالمة التي تُطمئن وتمنَح شُعورًا بالأمان. وهي تَسمح للمراهق بالكَشف عن مكنونات صدره من دونَ الاحساس بأنَّه يُعرّض نفسه للخطر.
والعذوبة تَتَرافق دائمًا مع الصَّبر والاحترام. وهي بحسب القدّيس فرانسوا دي سال: »الفضيلة الأُولى التي على المُعلّم التّحلّي بها«.
مُساعدة المراهق على التّعبير
الدور الأوّلي للمُعلّم هو مساعَدة الولد على إيجاد وسائل يُعبّر بها عن نفسه، غير الغضب والعنف اللذين يعزلانه عن محيطه.
من هُنا، يجب تحميسه على التّعبير الكلامي. وإذا كان غير قادر على الكلام، فمِنَ المُهمّ تعزيز قدرته على التّعبير الجسديّ أو الفنيّ.
المُهمّ ألاّ يُبقي غضبه وألمه في أعماقه، وأن يُرافقه المُعلّم في مسيرة مقاومته لهذا الألم.
معرفة أنواع الألم
هُناكَ نوعان من الألم:
الألم الذي يسببه البشر لبعضهم بعضًا. وتكون مقاومته بتعزيز حسّ المُصالحة والمُسامحة وتصحيح مجرى العدالة.
الألم العبثي الذي يُسبّبه حادث أو إعاقة أو مرض... وهنا يُفتّش المراهق عن السبب، على غرار التلاميذ الذين سألوا يسوع عن: "اللماذا" في إنجيل الأعمى (يوحنا 9). ويسوع كَسَر السُّؤال "لماذا". فالتفتيش عن السبب لا يقدّم ولا يُؤخّر. ما يجب التفتيش عنه هو مُقاومة الشرّ وجعله يتراجع.
استخدام سُلُّم الإيمان والرّجاء والمحبّة
الإيمان بالمراهق المتألّم، حتّى لو لَم يَكُن هو يُؤمن بنفسه، والتّعبير عن هذا الإيمان كلاميًّا: »أُؤمِن بِقُدرَتِك على تخطّي الصعوبة، وأُؤمن بأنَّك أثمن بكثير ممّا تُحاول أن تظهره في تصرّفاتك«.
الرّجاء:
المُعلّم النّاجح لا يَيأس بسهولة ويُشارك التلميذ في رجائه، ويظهر له أنّ الحياة تغلب دائمًا الموت، وأنّ السّعادة مُمكنة، ولا بُدّ من أن تشرق مهما اشتدَّت الظلمة.
المحبّة:
وهي قادرة على اجتراح المعجزات. وعلى المُعلّم أن يظهر للمُراهق أنّه يحبّه كما هو، بضعفه وألمه وعنفه (مع أنّه يجد صعوبة في تحمُّله أحيانًا).
ومسيرة الإيمان والرّجاء والمحبّة هي المسيرة نفسها للمسيح الذي لا ينفكّ يُؤمن بنا، ولا يَيأس من دعوتنا إلى أحضانه، ويُحبّنا كما نحن. وهي المسيرة التّعليميّة الأنجَح لمُساعدة الولد على تخطّي عنفه، لا بل ألمه.
- 2227 views